حوكمة وتنظيم داخلي

نموذج “Prosci ADKAR” إدارة التغيير

إدخال التغيير في بعض المؤسسات أمر صعب ويحتاج إلى قيادة ناجحة لإدارته وتنفيذه دون خسائر، لقد قام “جيف هيات” مؤسس شركة بروسكي بإنشاء إطار عمل يساعد الشركات على بدء التغيير وتنفيذه واستمراره.

لقد اعتمد نموذج “بروساي Prosci” على نتائج تجارب البشر للتغيير، ومن خلال طرح “جيف” عدة تساؤلات لنفسه مثل أسباب التواصل، وسبب الحاجة إلى المديرين في دعم التغيير، وسبب إعداد تدريب للعاملين ووضوح الإجابات عليها، قام “جيف” بتطوير نموذجه وعمل على التأكد من صحة عناصره.

 

  • مراحل عملية “Prosci ” لإدارة التغيير

Prosci كلمة انجليزية تتكون من كلمتين: profession و science، ويقصد بها العلم والاحترافية في التعامل مع إدارة التغير، وهي منهج وطريقة عالمية تعتمدها الكثير من المؤسسات حول العالم.
تقوم عملية “Prosci” على ثلاث مراحل لتسهيل عملية التغيير داخل المؤسسات، وإذا كان نموذج “أدكار” يركز على التغيير الفردي وتوجيه الأفراد لتحقيق تغيير ناجح، فإن عملية “Prosci” تعتمد على الإطار العام لتحقيق التغيير التنظيمي من خلال وضع الخطط ودعم الإدارة العليا ومشاركة العاملين في الأهداف من أجل تحقيق التغيير المطلوب بنجاح.
وكل مراحل عملية “Prosci” قابلة للتكيف وللتطوير لتناسب احتياجات أي مؤسسة ترغب في التغيير، وهذه المراحل هي:

المرحلة الأولى: الإعداد للتغيير
ينبغي في هذه المرحلة تحديد النجاح من خلال معرفتك للهدف الذي تريد تحقيقه، وتأثير التغيير على الأفراد وما الذي يمكن القيام به للتكيف مع التغيير، بالإضافة إلى معرفة ما يتطلبه النجاح من إعداد استراتيجيات وخطط تضمن نجاح التغيير.
فالهدف الأساسي من هذه المرحلة هو العمل على تهيئة طريقك نحو التغيير من خلال إعداد الخطة قابلة للتطوير والحصول على الدعم الكامل من الرؤساء لأهميته في نجاح التغيير.

المرحلة الثانية: إدارة التغيير
تُعد هذه المرحلة هي الأطول من حيث الوقت والأكثر وضوحًا أيضًا للمؤسسة، فمن خلالها يتم تطوير الخطط والإجراءات، ويحدد القادة أفضل الطرق لإعداد ودعم الأشخاص الذين سيتأثرون بالتغيير، بالإضافة إلى قياس الأداء ومتابعة التقدم والحفاظ عليه، والعمل على تكيف الإجراءات وتعديلها إن لزم الأمر، ففي هذه المرحلة يقوم قادة التغيير بإنشاء مجموعة من الخطط والاستراتيجيات لتوجيه الأفراد والمؤسسات من خلال عناصر ADKAR لتحقيق التغيير بنجاح.

المرحلة الثالثة: بقاء النتائج
تقوم هذه المرحلة بالحفاظ على النتائج المحققة، من خلال مراجعة الأداء، والقيام بالإجراءات المطلوبة لضمان الحفاظ على التغيير، ومعرفة لمن تُعطى مسئولية إبقاء النتائج إيجابية.
فالهدف هنا التأكد من تحقيق التغيير بنجاح والوصول إلى الأهداف المتوقعة وتمكين الشركة من الحفاظ على التغييرات بمرور الوقت، ثم البدء بالاحتفالات ومنح جميع العاملين مكافآت على جهودهم المبذولة.

 

 

  • عناصر نموذج أدكار ADKAR

يُعد التغيير أساس ازدهار المؤسسات ونمو أعمالها التجارية، وهو عملية صعبة وشاقة وتواجه الكثير من التحديات، ومن خلال هذا النموذج يمكن تحقيق التغيير بنجاح ومساعدة العاملين على التكيف معه.
ويركز نموذج أدكار ADKAR على خمسة عناصر أساسية وهي: الوعي والرغبة والمعرفة والكفاءة والدعم.

Awareness الوعي
ويقصد به إدراك العاملين لأهمية التغيير وضرورة القيام به داخل المؤسسة، فأي عمل تجاري يحتاج دومًا إلى التطوير لمواكبة العالم وعدم الركود، والعاملين يواجهون التغيير بالرفض لذا ينبغي على المؤسسة إعلامهم بأهمية التغيير وسبب الحاجة إليه واطلاعهم على النتائج المتوقعة من نجاحه حتى يتشجعوا على المشاركة فيه وتقديم المساعدة بخبراتهم ومهاراتهم، وعلى المؤسسة الاستماع لآرائهم وتقبل جميع وجهات النظر، بالإضافة إلى تشجيعهم على التفكير وطرح الأسئلة والتعبير عن أفكارهم وتجاربهم من خلال إجراء مناقشات صريحة بينهم، كما يمكنك أيضًا إجراء مكالمات فيديو مع العملاء أو الموظفين لتقديم وجهات نظر مختلفة وإنشاء حجة أكثر إقناعًا للتغيير.

 

الرغبة Desire
يجب تحفيز العاملين للتغيير وترسيخ الرغبة داخلهم بأساليب الإقناع والتأثير، يمكن للمؤسسة وضع أنظمة تواصل مستمر بين القيادات والأفراد فالتواصل ضروري لتنمية الرغبة في التغيير ومنع مقاومته التي تنشأ عادة من الإحباط الناتج عن عدم الرد على الاقتراحات والأسئلة التي يطرحها العاملون حول التغيير، والمشاركة تشجع على نمو الرغبة داخل العاملين فينبغي دعوة العاملين ليشاركوا بأفكارهم وخبراتهم وفتح باب الحوار لتبادل الآراء واكتساب الخبرات.

 

Knowledge المعرفة
لا يوجد شخص يمكنه التعلم واكتساب الخبرات وهو في معزل عن الجميع، لذا ينبغي أن يعرف كل العاملين الخطوات التي يجب اتباعها عند تنفيذ التغيير، ويكون قد تم تدريب وتعليم الجميع وتنمية مهاراتهم، كما يمكن الاستفادة من رؤاهم الخاصة في عملية التغيير، كما يمكن توفير مساحة من الإبداع والابتكار حتى يتم تحقيق نتائج إيجابية مميزة.

الكفاءة Ability
ربما يقاوم بعض العاملين التغيير بسبب عدم القدرة الكافية على تحقيقه، لذا يجب على المؤسسة التأكد من كفاءة العاملين وقدرتهم على تحقيق التغيير، ومهاراتهم في مواصلة الطريق نحوه، وخبراتهم في تخطي العقبات، وإمكاناتهم لحل المشكلات بطريقة صحيحة، كل ذلك يساعد على تحقيق التغيير بنجاح فالعاملين هم الأساس الذي يعتمد عليه التطوير.

الدعم Reinforcement
ربما يكون الثبات على التغيير من أكبر الصعوبات التي تواجه القيادات داخل المؤسسة، لكن هناك بعض الأمور تعمل على بقاء التطوير مثل:
* مكافأة العاملين وتقدير مجهوداتهم والثناء عليهم دائمًا بعبارات الشكر
* يمكن للمؤسسة مشاركة الرسائل والتعليقات التي تعبر عن رضا العملاء بالتغييرات حتى يعلم جميع العاملين النتائج الإيجابية للتغيير الذي قاموا به
* عقد اجتماعات منتظمة بالعاملين لمعرفة مشاعرهم تجاه التغيير ومساعدتهم في التغلب على أي مخاوف يشعرون بها
*  ينبغي على الإدارة دعم ثقافة التغيير وترسيخها داخل المؤسسة.

 

 

  • مزايا نموذج ADKAR

يشتمل نموذج أدكار على عدة فوائد تعتبر نقاط القوة به وهي:

* يتبع هذا النموذج أسلوب عملي لإدارة التغيير، فرغم فائدة الأفكار النظرية إلا أنه من الصعب تنفيذها.

* يمثل هذا النموذج حلا فريدًا للشركات التي تبحث عن طرق مجربة للتغيير دون الحاجة لعمل نموذج جديد.

* هناك العديد من نماذج إدارة التغيير، لكن تم اختبار نموذج أدكار بدقة وأُثبتت فعاليته مما جعله أكثر النماذج انتشارًا وشيوعًا.

* يشمل التدريب والدعم فالشركة التي تستخدم هذا النموذج لديها مدربين لمساعدة العاملين على تحقيق التنمية.

  • مساوئ نموذج ADKAR

يحتوي نموذج أدكار على بعض نقاط الضعف:

* يفشل النموذج في التمييز بين التغيير السريع والتغيير التدريجي، وقد يكون رائعًا للتغييرات التدريجية، لكنها لا ترقى إلى أن تكون فعالة في خطوات عملية التغيير.

* لا يستطيع التفريق بين مسئوليات القادة والمدراء؛ فالمديرون يأتون بالتغيير بينما يقوده القادة داخل المؤسسة، المديرون يقومون بالأعمال أما القادة فيبدعوا في إنجاز المهام.

* يتجاهل نموذج أدكار وجود القيادة للحفاظ على الثبات الانفعالي وضبط نفس العاملين الذين يقاومون التغيير، بالرغم أن 70% من الفشل يعود لعدم وجود قيادة.

* لا يستطيع نموذج أدكار توضيح الرؤية الكاملة لإدارة خطة التغيير حتى يسهل تمثيلها في عدة خطوات قابلة للتنفيذ، وفي بعض الأحيان يجد المسئولون صعوبة في إقناع العاملين بتقديم رؤاهم الخاصة حتى يتم تحقيق الأهداف.

* يفشل نموذج أدكار على المستوى الكلي من حيث فقدان الوضوح والتواصل مع العناصر البشرية اللازمة لإدارة التغيير، بالإضافة إلى اهتمامه بدور الإدارة الجزئية رغم تعقيدها ودقتها في إنجاز المهام علاوة على أهمية إعطاء العاملين بعض المسئوليات والمهام دون مراقبة كافة التفاصيل التي يقومون بها.

وهناك ثلاث نقاط هامة ومميزة للبدء:
* توضيح عملية صنع القرار، مع مراعاة تقييم المخاطر ومحاولة التخفيف من حدتها.
* إيضاح كل التفاصيل الخاصة بعملية التغيير وجعلها قابلة للتحقيق.
* العمل على إنشاء روابط ووسائل تواصل لتوضيح الرؤية بين العاملين والإدارة العليا.

 

  • نلاحظ أن نموذج ADKAR قد يكون مناسبًا لبعض المؤسسات، وغير مناسب ولا يمكن تطبيقه في مؤسسات أخرى، لذا ينبغي معرفة بعض الأمور قبل البدء في تطبيقه:
    * إذا كانت المؤسسة تحتاج حل جاهز وسريع في إدخال بعض التغييرات فسوف يكون النموذج اختيارًا رائعًا ومفيدًا، أما لو كانت الشركة تريد معرفة المزيد عن هذا المجال فلا يناسبها هذا النموذج.
    * لو كانت المؤسسة في حاجة إلى تغيير شامل فقد يكون استخدام نموذج أدكار غير صالح لبساطته وينبغي استخدام وسائل أكثر إمكانية تتناسب مع التطوير الشامل الذي تريده المؤسسة.
    * إذا كانت الشركة تقوم ببعض التغييرات التجارية وتستخدم أنظمة التحول الرقمي فسوف تحتاج إلى مساعدة من خبراء في الرقمنة ومستشاري تكنولوجيا المعلومات.
    * قد يكون النموذج غير متوافق مع بعض الشركات على المستوى الثقافي، وفي هذه الحالة ينبغي فحص نماذج التغيير المختلفة لإيجاد الأكثر تناسب مع احتياجات شركتك.

 

  • يُعد نموذج ADKAR إطار عمل قوي لإدارة التغيير، ويمكن تطبيقه من خلال تحديد حاجة العمل والبدء في بناء الوعي ومعرفة الخطوات اللازمة لبدء التغيير وتشجيع وتحفيز العاملين والتأكد من أن الفريق لديه المهارات التي يحتاجها ثم تنفيذ التغيير، فلابد من اتباع الأسس والعناصر الخمسة (الوعي والرغبة والمعرفة والكفاءة والدعم) جميعها للحصول على النتائج الإيجابية وتحقيق هدف التغيير.
  • ينبغي متابعة النتائج بعد تنفيذ التغيير والعمل على استمرار التحسين باستخدام الأساليب الجديدة، للتمكن من مواكبة جميع التحديات.
  • نرى أن الفريق المتفاني في العمل قد لا يجيب احتياجات العمل في بعض الأحيان لأنه يسير في الاتجاه المعاكس لاستراتيجية التغيير، فإن قام بالتطوير طبقًا للخطة الموضوعة فسوف يحقق نتائج إيجابية ويتم مكافأته.
  • يعلم الكثير أهمية أدكار كنموذج لإدارة التغيير وإحداثه داخل المؤسسة، لكن قد لا يعلم البعض أن نموذج أدكار يستخدم أيضًا في إصلاح وتعديل بعض العمليات الفاشلة أو التي حصل خلل أثناء إدخال بعض التغيير عليها، فهو وسيلة فعالة فيمكن استخدامه في التنمية الشخصية أو عند محاولة مساعدة صديق في إجراء التغييرات.
  • يدعم نموذج أدكار الجانب الإنساني ويساعد العاملين في مواجهة العقبات وحل المشكلات بطرق وأساليب مختلفة.
  • في النهاية إذا كانت شركتك تريد إحداث تغيير يسهم في تطويرها وتنمية أعمالها، فالخيار الأنسب هو نموذج أدكار لإدارة التغير لأنه يوفر تدريبًا واستشارة ودعمًا مبسطًا ويحقق جميع الأهداف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *