حوكمة وتنظيم داخلي

نموذج “جون كوتر” لإدارة التغيير

قام “جون كوتر” وهو أستاذ في كلية إدارة الأعمال بتقسيم عملية التغيير إلى ثماني خطوات سميت بنموذج “كوتر” قدمها في كتابه “قيادة التغيير”.
والفرق بينه وبين نموذج “لوين” أن نموذج “كوتر” مفصل وشامل، أما نموذج “لوين” فهو أكثر بساطة كما أنه يهتم أكثر بعلم النفس البشري.
وقد أصبح لنموذج “كوتر” شعبية وشهرة كبيرة لأنه يوفر خطوات سهلة لمديري التغيير يستطيعون من خلالها القيام بتغيير ناجح.
لذلك نرى اليوم أنه يتم استخدام نموذج “كوتر” من قبل مؤسسات عديدة تقوم بالتغيير، فهو مهم ويساعد على النجاح سواء كان التغيير بالانتقال إلى أدوات عمل جديدة، أو هيكلة العمليات والإجراءات.
وينبغي معرفة كيفية تنفيذ التغيير بنجاح؟ فحوالي 70% من كل تغيير يحاولون تنفيذه يكون مصيره الفشل، لذلك يمكنك الاستعانة بنموذج كوتر للتغيير، بالإضافة إلى من نموذج إدارة التغيير 7-S من McKinseyونموذج Lewin’s Change Model.

  • خطوات نموذج “كوتر” لإدارة التغيير

دائمًا يواجه التغيير الكثير من المقاومة والعقبات كافتقاد العمل الجماعي أو غياب القيادة الحكيمة، بالإضافة إلى المخاوف من التحول والعمل بأساليب جديدة، لذلك قام “جون كوتر” بتحديد ثماني خطوات ينبغي على المؤسسة اتخاذها كي تتغلب على العقبات التي تواجهها وتنفذ تغييرات واسعة النطاق وبشكل فعال وناجح.

الخطوة الأولى: خلق الشعور بضرورة التغيير
يجب أن يشعر جميع العاملين داخل المؤسسة بالحاجة إلى التغيير وأن يقتنعوا بأهميته في تنمية الهيكل التنظيمي، وهذه الخطوة تهدف إلى تهيئة العاملين للتغيير وتشجيعهم على المشاركة، فينبغي أن يحصل مشروع التغيير على تأييد ودعم حوالي 75% من إدارة المؤسسة.
ولخلق بيئة عمل يكون فيها الجميع على وعي بالمشكلات الحالية ولديهم الدافع للمشاركة والتعاون على حل تلك المشكلات، فيجب القيام ببعض الأمور:

* استخدام تحليل SWOT مع الفريق والذي يعمل على تحديد نقاط الضعف والقوة وبيان الفرص والتهديدات أو المخاطر.
* فتح باب الحوار مع الموظفين حول الأسباب التي دعت إلى التغيير في هذا الوقت، ومناقشة التحديات والحلول الممكنة.
* يمكن للمؤسسة طلب الدعم من أصحاب المصلحة وكل من يتمتع بالخبرات والمهارات.

الخطوة الثانية: إعداد فريق قوي للتغيير
وتعتمد هذه الخطوة على إعداد فريق قوى لديه العديد من المهارات والمؤهلات التي تمكنه من قيادة التغيير وتحقيقه بنجاح.
لكي تجعل الفريق فعالا وناجحًا ينبغي أن يتكون من:
* الراعي وهو مسئول تنفيذي عن مبادرة التغيير بالإضافة إلى تقديمه المساعدة في توفير الموارد الكافية لتنفيذ التغيير.
* فريق التوجيه ويختار الراعي أعضاء هذا الفريق وهم قادة لهم تأثير وقدرة على اتخاذ القرارات وجمع الموارد والدعم للمشروع، وهذا الفريق سيكون مسئولا عن وضع الرؤية وقيادة المؤسسة خلال عملية التغيير وحل المشكلات وفض النزاعات.
* فريق الإرشاد: ويتكون من أفراد معترف بهم ويتمتعوا بسمعة طيبة ويمثلوا دوائر انتخابية، ويكون دورهم تعزيز رؤية المؤسسة ودعمها خلال عملية التغيير.
* فرق التغيير:
وهي مجموعات من المديرين والمشرفين ويكون دورهم أن يضمنوا تنفيذ جميع المهام ويشاركون في عملية التغيير.

وبعد تشكيل الفريق يجب التأكد من فهمهم لسبب التغيير ومهمة كل فرد داخل الفريق، ومعرفة الأهداف التي سيعملون على تحقيقها، وإدراكهم المخاطر والتحديات وطرق التغلب عليها، وينبغي على الشركة توفير نظام تواصل سريع وفعال بين جميع المشاركين في عملية التغيير.

الخطوة الثالثة: تحديد الرؤية
ويتم العمل في هذه الخطوة على بناء رؤية واضحة ووضع خطة قوية ودعم الفريق في تحقيقها، وينبغي أن تكون الرؤية واضحة وقابلة لتحقيقها على أرض الواقع حتى يتحمس الفريق للعمل على تنفيذها بنجاح.
ولكي تكون الرؤية واضحة ولافتة للانتباه ينبغي توافقها مع قيم المؤسسة، وموافقة الجميع عليها وتغيير بعض بنودها إن لزم الأمر، سهولة فهم العاملين لها وعدم صعوبتها، وتشمل التوقعات والنتائج واتجاهات الشركة.

الخطوة الرابعة: نشر الرؤية
وتهدف هذه الخطوة إلى توصيل الرؤية للجميع من أجل الحصول على دعم العاملين وتشجيعهم لتقديم مزيد من الجهد لتنفيذ التغيير بصورة ناجحة، فعليك استغلال الفرص لتوصيل الرؤية وذلك من خلال دمجها في صنع القرارات اليومية أو حل بعض المشكلات، كما يمكنك تشجيع العاملين على كتابة ملاحظاتهم والاستماع إلى مخاوفهم ومحاولة طمأنتهم ومنحهم مساحة من الرفاهية خارج النطاق الوظيفي، والعمل على خلق روح التعاون والتفاعل بين جميع العاملين وعمل نظام تواصل بينهم واستخدام لغة بسيطة للتواصل يسهل فهمها.

الخطوة الخامسة: إزالة العقبات
عند البدء في عملية التغيير ستظهر العقبات والمشكلات، كمقاومة الموظفين أو ضعف الإدارة والهيكل التنظيمي، لذا يجب أن يعمل الفريق التوجيهي والإدارة العليا على محو العقبات حت يستمر التقدم نحو تحقيق الهدف (التغيير) وذلك من خلال:
* فهم تلك العقبات التي تمنع تنفيذ التغيير بمساعدة الفريق التوجيهي والتواصل مع العاملين واستيعاب تلك العقبات لوضع الطرق المناسبة لإزالتها.
* التأكد من نشر رؤية التغيير في جميع العمليات والهياكل، والعمل على تقدير جهد العاملين ومكافآتهم، يمكن للمؤسسة توفير برامج تدريبية للعاملين كي يحققوا أفضل مستوى من التقدم والتغلب على العقبات.

الخطوة السادسة: تحقيق نجاحات صغيرة
نحن نعلم جيدًا أن عملية التغيير صعبة وشاقة وتأخذ وقتًا طويلاً لتنفيذها، لذلك قد يصاب بعض العاملين بالإحباط من كثرة العمل لفترات طويلة، وهذا الأمر يُحتم على الشركة وضع بعض الأهداف تكون قصيرة المدى حتى يتم إنجازها في مدة زمنية قصيرة ويتم الاحتفال ليشعر العاملون بإنجازهم وتحقيقهم نجاحات صغيرة فيتحمسوا للعمل أكثر وتحقيق المزيد من النجاحات.
ويمكن للمؤسسة تحديد المكاسب التي تستطيع تحقيقها في مدة قليلة كخفض التكاليف وزيادة الأرباح، أو تقسيم مشروع التغيير إلى أجزاء ولكل جزء هدف ينبغي تحقيقه، إعطاء العاملين علاوات إضافية تحفزهم على مواصلة العمل.

الخطوة السابعة: الحفاظ على النجاح وتحقيق مزيد من التقدم
تهدف هذه الخطوة إلى الحفاظ على التغيير والتأكد من عمل الفرق بجدية لتحقيق رؤية التغيير، كما يجب عدم إقامة احتفالات كبيرة إلا بعد تحقيق جميع الأهداف المنشودة، ومن أجل الحفاظ على النجاح وتحقيق المزيد من التقدم والتطور ينبغي تحديد الأخطاء الواردة والعمل على إصلاحها وتحسينها وعدم تكرارها، توسيع نطاق العمل في جميع أنحاء الشركة، إزالة الإجراءات غير الضرورية وتقديم الاقتراحات المفيدة.

المرحلة الثامنة: تثبيت التغيير وترسيخ ثقافته
وهدف القادة هو ترسيخ ثقافة التغيير، ولجعل التغيير ثابتًا ينبغي مناقشة أهمية التغييرات الجديدة وتوضيح أهم المزايا، كما يجب تحديد القيم الداعمة للتغيير.
ولكي يزداد تغييرك قوة وصلابة قم بترقية العاملين من خلال إعداد برامج تدريبية تعمل على تنمية مهاراتهم وتطوير قدراتهم للتكيف مع أي تغييرات، كما يمكنك تحسين أو إلغاء أي أنظمة قديمة قد تمنع نموك وتطورك.

 

  • أسس ومبادئ نموذج “كوتر” لإدارة التغيير

الشروع في عمل تغيير يستلزم وضع أسس ومبادئ تسير عليها، وفي نموذج “كوتر” وجدنا ثماني خطوات للتغيير، لكن هناك أيضًا مبادئ يجب التركيز عليها خلال إدارة التغيير وهي:

المبدأ الأول: القيادة والإدارة
ويؤكد هذا المبدأ على ضرورة وجود قيادة للمساعدة في عملية التغيير، بالإضافة إلى وجود مسئولين تنفيذيين ويكون هذا الفريق -وفقا للخطوة الثانية من نموذج “كوتر”- ذات رؤية مشتركة وعمل تعاوني ويحتفلون سويًا بتحقيق الإنجازات.

المبدأ الثاني: العقل والقلب
بعض الأشخاص يرغبون في المشاركة في مشروعات كبرى ليصبحوا جزءًا من نجاحها، وهذا المبدأ مهم لدعم مثل تلك السلوكيات لدى العاملين وتشجيعهم على المشاركة حتى يكونوا جزءًا من نجاح التغيير.

المبدأ الثالث: اختيار القليل المتنوع
ينبغي تمكين بعض الأفراد ومنحهم فرص للقيادة حتى يشعروا أنهم جزء من التغيير، ويمكنك من خلال ذلك اكتشاف قادة مميزين لم تعرف بوجودهم.

المبدأ الرابع: “يجب أن” و”تريد”
بعض الأشخاص لا تحب أن يفرض عليها القيام بأشياء تُطلب منهم، وإنما يريدونها هم ويرغبون في فعلها لذا اجعل التغيير ثقافة داخل المؤسسة حتى يصبح الأشخاص دعاة للتغيير.

  • طرق تطبيق نموذج “كوتر” لإدارة التغيير

يمكن تطبيق هذا نموذج “كوتر” للحصول على تغيير ناجح من خلال عدة طرق منها:

* استشارة أحد الخبراء: يمكن للشركة استشارة أحد الخبراء والمستشارين الذين على معرفة بنموذج “كوتر”، أو استقطاب أحد الكفاءات التي قامت بتطبيق هذا النموذج بنجاح في شركات أخرى.

* حضور دورات تدريبية وورش عمل: يمكنك إرسال العاملين إلى الندوات التي يقدمها مستشارو كوتر حيث يقدموا محاضرات بناء على نظرية التغيير والأبحاث والكتب التي ألفها “كوتر” في هذا الاتجاه.

* القيام بتطبيق النموذج بنفسك: بعض الأشخاص يفضلون الاعتماد على أنفسهم في إنجاز المهام، لذا يمكنهم البحث عن كتب ومقالات مرتبطة بنموذج “كوتر” على مواقع الانترنت وقراءتها واستخدام ما بها من معلومات مفيدة لإدارة التغيير بنجاح.

 

  • أهم الإيجابيات في نموذج “كوتر”

تسعى جميع المنظمات إلى تنمية أهدافها وتحقيق طموحاتها وكل منظمة تسلك الطريق المناسب لها من خلال العمل بالنموذج المتوافق مع سياستها وأنظمتها والذي يمكنها من إدارة التغيير بنجاح، فقد يكون نموذج “كوتر” مناسبًا لشركة لكن غير صالح لشركة أخرى.
وأهم إيجابياته هي:

* أول ثلاث خطوات من النموذج تضعك على الطريق الصحيح
قد يفتقد العاملين الشعور بضرورة التغيير فجاءت الخطوة الأولى لخلق هذا الشعور داخل العاملين، وهذا الشعور مع وجود فريق متوافق وقوى ورؤية واضحة يساعد على الرغبة في التغيير وبذل الجهد للتحول الأفضل وتحقيق النجاحات.

* الخطوات سهلة الفهم
كل خطوة في نموذج “كوتر” بسيطة وسهلة ويمكن تنفيذها بكل سلاسة وهذا يعمل على تدريب الفريق في أقل وقت وبالتالي خفض التكاليف.

* يؤكد نموذج “كوتر” على أهمية طلب المساعدة وتحفيز الآخرين
لابد من إعداد فريق كافي لإدارة التغيير فالأعداد القليلة لا تستطيع إدارة تغيير كامل وغالبًا ستفشل جهودهم، ويؤكد هذا النموذج على تحفيز الآخرين للتعاون المثمر من أجل الحفاظ على التغييرات والقدرة على المنافسة القوية.

 

  • سلبيات نموذج “كوتر” لإدارة التغيير

بالرغم من تعدد إيجابيات نموذج “كوتر” واستخدامه الناجح داخل العديد من المؤسسات، إلا أنه يحتوي على بعض نقاط الضعف في إدارة التغيير التنظيمي وهي:

* الإفراط في خلق الشعور بضرورة التغيير وافتقاده التفاصيل
يعتمد نموذج “كوتر” على الإلحاح لخلق الشعور داخل العاملين بضرورة التغيير لكن دون إعداد مسبق أو استعدادات.

* تبدو الخطوات غير مرتبة
يرى البعض أن نموذج “كوتر” محيرًا فلا يحوي موضوعًا شاملًا، كما أن خطواته غير مرتبة بالشكل الصحيح، حيث رأى البعض أن الخطوة الثالثة وهي وضع الرؤية كان ينبغي أن تكون أولى خطواته، وقيل أيضًا إن بعض العمليات تحدث بالتزامن والتوازي وليس بالتوالي.
ونتيجة لكل ما سبق قد نلاحظ أن نموذج “كوتر” أشبه بالإرشادات أكثر من كونه خطة مفصلة لإدارة التغيير.

* يمثل عبئًا ثقيلًا ولا يهتم بالعاملين
يهتم النموذج بوضع الخطة بناء على القادة والمديرين دون التركيز على العاملين الذين سيتأثرون بالتغيير وتقع عليهم نتائجه.

 

  • يُعد نموذج “كوتر” خيارًا ممتازًا للشركات التي تبحث عن نموذج بسيط لإدارة التغيير، ويسهل إتباع خطواته من أجل تحقيق تغيير ناجح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *