المنطق والقرار الاداري

منهجية جيمبا للإدارة الرشيقة

تعمل تقنيات إدارة المشاريع الفعالة على مساعدة الشركات والمؤسسات في تحسين إجراءاتها وعملياتها التجارية بصورة مستمرة، فالإدارة الرشيقة تسهم في جعل المؤسسات قادرة على تحديد مصادر الهدر المختلفة والتوصل لطرق القضاء عليها، وبالتالي تتمكن تلك المؤسسات من تحقيق أهدافها وبلوغ مكانة تنافسية عالية.

 

جيمبا Gemba

وجيمبا هي كلمة يابانية تعني مكان العمل فمثلا جيمبا الرياضي هي ساحة التدريب، ونجد أن مدراء المشاريع وخبراء الإدارة الرشيقة يقومون باستخدام منهجية جيمبا داخل مؤسساتهم، فقد استخدم المدير التنفيذي لشركة تويوتا Taiichi Ohno مصطلح جيمبا للإشارة إلى مكان عمل الفرق في مشاريعهم واعتبره نهجًا فعالًا للإدارة الرشيقة، لأنه يحث القادة والمدراء على ترك الأسلوب التقليدي والجلوس داخل مكاتبهم، والذهاب إلى أماكن العمل لمتابعة كافة الإجراءات عن قرب والاطلاع على أداء العاملين لاستكشاف القصور وسرعة معالجتها وإضفاء بعض التحسينات لتحقيق جودة أعلى.

 

أهمية منهجية جيمبا

تكمن أهمية هذه المنهجية في كونها توفر للمدراء والقادة القدرة على الوصول إلى أماكن العمل الفعلية، وهذا بالطبع يسهم في تنمية شعور العاملين بالولاء والانتماء فالتواصل الفعال وعن قرب يساعد في بناء الثقة وبالتالي تتحسن إنتاجيتهم ويتطور أداؤهم ويكتسبون مزيدًا من الخبرة، كما تساعد تلك المنهجية في جعل الفرق تشارك في إجراءات التحسين المستمر وتمنحهم الفرصة لطرح توقعاتهم والاستماع إلى آرائهم.

 

ونلاحظ أن استخدام جيمبا شائع لدى مدراء الأعمال داخل المستودعات والمصانع، فهم يستخدمون ما يعرف بـ Gemba Walks وتعني ممشى جيمبا أي قيام المدراء أو المسئولين بالتجول والسير داخل مكان العمل لمتابعة الأعمال عن قرب ورؤية كيفية أداء المهام، وتلك الزيارة والذهاب داخل مكان العمل تؤدي ربط القيادة بالعاملين ومساعدتهم على فهم الإجراءات بصورة أفضل وعمل تقنيات فعالة وجديدة للتحسين والتطوير.

وGemba Walks تسهم في تكوين الفهم الكامل حول إجراءات العمل كما تعتبر فرصة للمدراء في الخروج من نطاق العمل التقليدي داخل مكاتبهم والذهاب لمكان العمل لتحديد مصادر الهدر الحقيقية ووضع آلية فعالة للقضاء عليها.

 

قواعد جيمبا الثلاث


من أجل تحقيق فعالية هذه المنهجية ينبغي على المدراء والقادة اتباع تلك القواعد:

* الذهاب للاطلاع: أي قيام المدراء بزيارة مناطق العمل لرؤية كيف تسير الإجراءات والتأكد من كون العمليات تحقق هدف المؤسسة العام ومعاييرها.

* السؤال بـ لماذا: وسعي المدراء لمعرفة وفهم كل خطوات الخطة من خلال طرح سؤال لماذا يمكن أن يساعد على تحسين الإجراءات وتجاوز المشكلات اليومية.

* إظهار الاحترام: ينبغي على المدراء أن يظهروا الاحترام للعاملين ويؤكدوا لهم أنهم مهتمون برفاهيتهم وإشراكهم في خطوات التحسين لأن ذلك من أهداف Gemba Walks.

 

يمكن للمدراء اتباع الخطوات التالية من أجل تحقيق فعالية Gemba Walk

 

* تحديد الأولويات: ينبغي على المدراء قبل القيام بالذهاب إلى أماكن العمل أن يخططوا لما يرغبون في تحقيقه من تلك الزيارة، فخبراء الإدارة الرشيقة تركز أولوياتهم على الحد من التكاليف أو تعزيز السلامة والأمان في موقع العمل أو زيادة إنتاجية الموظفين.

فتحديد الأهداف قبل الذهاب يساعد في التركيز على عنصر واحد داخل المشروع من أجل تحسينه، كما يمكنهم بعد ذلك إعداد قائمة لتدوين كافة الملاحظات واستخدامها لتحسين الإجراءات وتحديد المشكلات وإيجاد الحلول المناسبة لتجاوزها بسهولة.

 

* إيصال الأهداف: يجب على المدراء التواصل مع فريقهم واطلاعهم على الأهداف التي يرغبون في تحقيقها عند الذهاب إلى مكان العمل، وهذا بالطبع يساعد في استعداد العاملين للمشاركة في إجراءات التحسين، كما يمكن للقادة توضيح هدفهم من الزيارة وأنها ليست زيارة لاصطياد الأخطاء وكشف العيوب الفردية للعاملين وإنما هي للمشاركة والتوافق حول إجراء التطوير حتى يمكن تحقيق المزيد من التقدم للمؤسسة.

 

* تقييم الإجراءات: حيث يعمل المدراء على استخدام قائمتهم التي تم تحديد الأولويات بها لتقييم الإجراءات والمهام الحالية، ومن الأفضل التركيز على تعزيز العمليات وليس تحديد أوجه القصور داخل الفريق وهذا لا يمنع أن أداء الفريق أمرًا حاسمًا، لكن التركيز على الإجراءات بدلا من الفريق يسهم في تشجيع مشاركة العاملين مع قائدهم ويساعدهم على تحقيق الأهداف.

 

* التعرف على مصادر الهدر: يتمكن المدراء أثناء سيرهم داخل مناطق العمل من التعرف على مصادر الهدر التي تؤدي إلى زيادة التكاليف، وإذا كان الهدف من زيارتهم تعزيز السلامة والأمان فقد يجدون عوامل الخطر، لتكون إجراءاتهم التي يجب تحسينها هو الحد من المخاطر وجعل بيئة العمل آمنة وصحية.

 

* كتابة الملاحظات: يمكن إعداد قائمة لتسجيل أهم ما توصلوا إليه خلال زيارتهم، سواء مخاوفهم والحلول الفعالة أو استنتاجات حول أمور معينة، ربما لا يقدم المدراء اقتراحات أثناء جولتهم التفقدية مما يعزز لدى العاملين شعور الثقة ويسعون إلى ممارسة أساليب النقد الذاتي لتحسين مستوى أدائهم.

 

* الاستعانة برأي آخر: حيث يستطيع المدراء اصطحاب أحد القادة أو المدراء من الأقسام الأخرى ومرافقته أثناء زيارة مكان العمل، من أجل تقديم رؤية ثانية حول إجراءات التحسين التي يجب تطبيقها، فالاستماع إلى رؤى ومقترحات مختلفة يسهم في إثراء عملية التحسين، وينبغي أن يكون العاملين على معرفة بالأشخاص الزائرين حتى يستعدوا للترحيب بهم.

 

* مشاركة النتائج: من الأفضل أن يقوم مدراء الأعمال من مشاركة النتائج والحلول التي تم التوصل إليها مع الفريق، فتلك المشاركة تؤكد للعاملين أن الهدف من الزيارة لم يكن لانتقاد جهودهم أو البحث عن أخطائهم، والتأكيد لهم بأنهم عنصر أساسي للمشاركة في إجراءات التحسين من خلال تطبيق آرائهم ومقترحاتهم حول تقنية جديدة قاموا بطرحها مثلا.

 

 

استخدام جيمبا كطريقة فعالة لحل المشكلات

 

* تستطيع بعض المؤسسات أن تستخدم جيمبا من أجل حل المشكلات وذلك بالتركيز أكثر على الغرض من الجولة التي يقوم بها المدراء، فمثلا إذا قام أحد المدراء بتحديد أن المناوبة الواحدة تستغرق وقتًا لإنهاء كل منتج، سيكون هدفهم من الجولة ملاحظة سبب التأخير في سير العمل واتخاذ إجراء لمعالجة هذا التأخير.

 

* ينبغي أن يوجد اهتمام أكبر بعيدًا عن Gemba Walk، فيجب على المدراء التفاعل بصورة مستمرة مع العاملين داخل بيئة العمل، حتى يستطيع العاملين توجيه المدراء إلى أصل المشكلة وسببها الأساسي، وبذلك يصبح المدراء على معرفة كاملة بالسبب ويحاولون إيجاد الحلول السريعة والمناسبة حتى لا يتوقف سير العمل.

 

* تهدف جولات جيمبا إلى تنفيذ التغييرات التي قام مدراء الأعمال بجمع البيانات حولها أثناء جولتهم داخل منطقة العمل، ففي بعض الأحيان يكون الهدف تطوير بعض الأساليب التي تزيد من الكفاءة والاحترافية داخل بيئة العمل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *