حوكمة وتنظيم داخلي

مغالطة المعضلة الكاذبة false dilemma Fallacy

تقوم هذه المغالطة على حصر الشخص بين خيارين لا ثالث لهما، فإما أن تأكل تفاحة يوميًا أو تمرض وتذهب إلى الطبيب، وهذا الأمر غير واقعي وليس صحيحًا على الإطلاق.
ويطلق على هذا النوع من المغالطات اسم المأزق المفتعل أو الثنائية الزائفة أو الانقسام الكاذب، فالشخص يحاول اختلاق مأزق الخيارين وكأنه لا يوجد خيار ثالث وسطي وعلى الشخص أن يختار بين هذين الخيارين، وهي من المغالطات غير الرسمية التي تظهر عند حدوث خطأ في الأدلة.

كما يطلق على هذه المغالطة عبارة إما… أو… فمثلا إما أن تقبل بهذه الوظيفة أو تفشل وتواجه الفقر.
وعلى سبيل المثال، إما أن تكون مع مشروع السد، أو تؤيد ظروف الجفاف في غرب الولايات المتحدة.
فلو شككنا فيما سيفعله السد من جفاف لا يعني هذا أن التصويت ضد مشروع السد هو تصويت لصالح ظروف الجفاف.
فقد يكون السد أفضل في منطقة أخرى، وقد يكلف السد الكثير، ويعتقد شخص ما أن هناك حلولا أفضل.
ونجد أن التصويت ضد مشروع السد هو مجرد تصويت لسبب ما وليس السبب هو عدم الحكم صراحة على غرب الولايات المتحدة بظروف الجفاف.

وتكون المعضلة الكاذبة مغالطة منطقية لأنه كي تكون الحجة صحيحة لابد من أن يأتي استنتاجها من المقدمات.
فالتصويت ضد مشروع السد هو تصويت لاستمرار الجفاف، في حين أن التصويت لصالحه هو تصويت لتحسين ظروف الجفاف، فإن أي شخص ضد مشروع السد يريد أن تظل الولايات المتحدة الغربية على احتمال قليل من وقوع الجفاف.
وهذا الانقسام يُعد صحيحًا لأن الاستنتاج (أن أي شخص ضد مشروع السد يريد استمرار الجفاف) يأتي من الفرضية (أن التصويت ضد مشروع السد هو تصويت لاستمرار الجفاف). ومع ذلك، فإن هذا الانقسام ليس سليمًا، لأن الفرضية ليست صحيحة (لوجود أسباب أخرى للتصويت ضد السد).
ونلاحظ أن الانقسام الخاطئ هو مغالطة منطقية لأنه غير صادق، وهذا يعني عدم استخدامه في حجة منطقية.

ونجد أن وجود المعضلة الكاذبة أو الانقسام الخاطئ في الكتابات النقدية -التي يحاول الكاتب من خلالها الدفاع عن وجهة نظر معينة- له تأثير سلبي كبير على تكوين رؤية المتلقي، كما يمكن أن تصبح سببًا في إثارة الغضب وعدم النقاش والتفاوض كما تؤدي إلى عدم التغيير.
فعلى سبيل المثال، نفترض أن كاتبًا يجادل بأنك إما أن تقدر شكسبير أو أنك لا تقدر الأدب. إذا كان هذا الكاتب قادرًا على إقناع جمهوره بأن هذا صحيح، فإن نوعًا من النخبوية موجود الآن والنخبوية مجموعة معينة من الناس لها مستوى فكر عالي وثروة ومهارات وخبرات وهم الأكثر احتمالًا وكفاءةً في بناء المجتمع ككل، لذا يستحقون نفوذًا أو سلطة أكبر من سلطة الآخرين.
إن الأشخاص الذين يفضلون أدب الثقافات غير الغربية، سوف يقال إنهم “لا يقدرون الأدب”، فمع كون هذا الافتراض غير صادق، إلا أن إذا الفكرة أصبحت متأصلة، ومن الصعب تغييرها.

مثال الانقسام الخاطئ (مقال)

لعل ما تذكره ميساتو (الجنرال المسؤول عن العمليات العسكرية) يُعَد نموذجًا لما يسمى بالمعضلة الكاذبة أو الانقسام الخاطئ، فميساتو عندما تقول: إما أن تكون معي أو ضدي، فهي تضع الجنود أمام اختيارين لا ثالث لهما، ويبدو ذلك مقبولًا من الناحية العسكرية، فالأوامر الصادرة من القادة لابد أن تطاع، فعندما تأمر كتيبتها المدرعة بمهاجمة الروبوتات التي يقودها أصدقاؤها وحلفاؤها فلابد من الانصياع للأمر. وانحياز القارئ لرؤية ميساتو واجبة، برغم ماتبدو عليه من كونها متمردة على أصدقائها أو وطنية تضع مصالح شعبها فوق كل اعتبار. وميساتو قد تكون وطنية من وجهة نظر شخص ما، في حين يمكنها أن تكون شريرة بحسب رؤية شخص آخر، المهم ـــفي كل الأحوال ـــ عدم فرض رؤية بعينها على القراء تفاديًا لخلق انقسامٍ خاطئ. ويمكن هنا للكاتب أن يجادل فيدفع بكون ميساتو وطنية، وهذا سيكون أفضل كثيرًا لأنه في هذه الحجة سيعترف بالرأي الآخر مما يفتح المجال أمام النقاش الصحي بدلًا من رفض وجهة النظر المعارضة.

طرق تجنب الانقسام الخاطئ أثناء كتابة مقالتك

* ينبغي النظر في جانب آخر من الحجة فقبل رفض حجة شخص ما على أنها غير صحيحة، يمكنك التفكير فيما قدمه من إيجابيات ونقاط جيدة.

* لا يجب أن تجبر القراء على اختيار أحد الخيارين، يمكنك تقديم حجتك حتى يحاول القارئ تكوين رأيه ورؤيته بشكل طبيعي.

* من الأفضل إيجاد أرض مشتركة وفتح المجال للمنطقة الرمادية والتفكير الوسطي، وعدم حصر القارئ بين خيارين محددين، ومنحه فرصة الحصول على آراء مختلفة ومتنوعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *