توجية وارشاد مشاريع

معًا لنبي الفريق.. سلم توكمان نموذجًا

بروس توكمان هو عالم موارد بشرية قام بابتكار نموذج تغلب من خلاله على الصعوبات التي تواجه أي قائد لبناء فريق عمل ناجح، فوضع عدد كبير من الأفراد باختلاف شخصياتهم وتنوع مهاراتهم داخل مجموعة واحدة لإنجاز مشروع ليس بالأمر البسيط، لذا سنرى سويًا النموذج الذي وضعه توكمان لجعل الأمر أكثر سهولة.

التعارف
بالنسبة لبعض الناس التعرف على أشخاص جديدة وإقامة علاقات ليس أمرًا بسيطًا قد يتطلب مجهودًا لمعرفة كيفية التعامل مع هذا الشخص، فمقابلة شخص لأول مرة ومحاولة التعرف عليه ربما تكون باردة وخالية من العواطف، لكن مع تكرار المقابلات وافتعال الموضوعات والتحدث قد يقرب المسافات وينشأ الود بينكما، وربما تجمعكم أحلامًا وطموحات، ويحدث ذلك في تكوين مجموعات وتشكيل فريق للعمل، فلابد من البحث عن أسلوب تفاهم بين الأفراد لإحداث التوافق وإنجاز المطلوب.

لمحة مختصرة عن توكمان
يُعد بروس واين توكمان باحثًا نفسيًا أمريكيًا قام بممارسة ديناميكيات المجموعة. ونستند على نظريته المشهورة بـ “سلم توكمان” التي نشرت في عام 1965. وقد تضمنت أربع مراحل، وفي عام 1977 أضاف المرحلة الخامسة والأخيرة. كما عمل توكمان بجامعة ولاية أهاويو في مجال علم النفس التربوي وقام بتأسيس مركز يهدف إلى مساعدة طلاب الجامعات على تحقيق النجاح والتفوق في حياتهم الأكاديمية  بالإضافة إلى تأليفه كتاب “استراتيجيات التعلم والتحفيز.. دليلك للنجاح”

مراحل بناء الفريق .. “سلم توكمان” نموذجًا

المرحلة الأولى: الإعداد/ التشكيل/ التكوين
في هذه المرحلة لا يكون أعضاء الفريق على علم بالهدف، ولا يعرفون بعضهم البعض، فهناك فروق فردية واختلافات في المهارات.
العمل في هذه المرحلة يكون على تمكينهم من وضع قنوات اتصال بينهم، وتحديد أوجه الاختلاف ومحاولة التوافق، وتعزيز الثقة والاتفاق على جدول أعمال مشترك يناسب جميع الأفراد، ويتم إنشاء الترابط حتى يتم الانتهاء من المشروع.

المرحلة الثانية: الاختلاف/ التصارع
ستظهر الفروق الفردية في هذه المرحلة وستتصارع الأنفس، وربما تتعالى الصيحات، يفتقد الفريق روح التعاون، ويتنازع الأعضاء حول مَن الأصوب، هنا يأتي الدور العظيم لقائد الفريق فيعمل على إقامة الحدود ووضع جدول الأعمال، ومنح الأعضاء دفعة للأمام خلال الاعتراف بمهاراتهم وتقديره لهم، كما يسعى لإكسابهم مهارات جديدة، وسوف تُبنى الثقة بينهم بعضهم وفي قائدهم.

المرحلة الثالثة: التوافق/ الانسجام
تظهر مجهودات قائد الفريق على الأعضاء في محاولاته لبناء الثقة والود بينهم، وقد أصبح الهدف محددًا بشكل جيد، فكل فرد داخل الفريق قد علم بدوره وما عليه أن يؤديه، والقائد يعمل على استمرار الدعم والتحفيز والتشجيع، بيد أن المناقشات والجدالات مثمرة وهادفة والنقد بنّاء، فإن تمكن القائد من تحقيق الديناميكية التعاونية، فسوف يتم اتخاذ القرارات المطلوبة وبدء العمل ومواجهة التحديات لإكمال المشروع.

المرحلة الرابعة: الأداء
نرى الفريق في كامل نشاطه، متحمس للعمل ومؤمن برؤية فريقه، لقد صار التعاون والتكاتف سمة متأصلة داخل كل فرد في الفريق، يؤدي الفريق العمل المطلوب بأروع صورة وأكمل وجه، حين يواجه العقبات يتقبلها ويتعامل معها بحكمة وصبر، يركز الأعضاء على احتياجات الفريق ككل وليس متطلبات كل فرد.
والآن بعد أن أصبح الفريق جاهزًا لإنجاز المهمة يمكننا توقع النتائج من خلال العمل بذكاء وتعاون، فقد انصب اهتمام الأعضاء على تنمية بعضهم البعض وتطوير أنفسهم. كما يتمتع كل فرد بشخصية مميزة ومتميزة، ويجري الآن تحقيق الهدف المرغوب.

المرحلة الخامسة: النهاية/ الانتهاء
بعد كثرة العمل نقترب من تحقيق الهدف، فأعضاء الفريق سعداء بالنجاح، لقد أحرزوا تقدمًا ملموسًا، واكتسبوا مزيدًا من المهارات تؤهلهم لأعمال أخرى، لقد تم إنجاز المشروع بتفوق، وسوف تسدل الستار ثم تأتي عروضًا لمشاريع أخرى، حقًا كانت رحلة مثمرة بكل ما فيها.

  • وبعد أن رأينا نموذج توكمان في بناء فريق ناجح، فيمكننا الانتقال إلى أهم الخصائص المشتركة لمراحل (توكمان) في تشكيل الفريق ومعرفة كيف يمكن تطبيقها لإضفاء صبغة فريدة خاصة بنا

الخصائص المشتركة

أولًا: تُبنى كل مرحلة على ما قبلها، فلا يمكن الوصول إلى القمة بقفزة واحدة، إنما الصعود التدريجي الذي يتميز بالتمهل والحكمة هو الذي يؤكد الوصول الآمن والناجح إلى القمة بل إلى عنان السماء.

ثانيًا: دقة الخطوات وقيمتها تعمل على تأهيل الفريق لمرحلة الأداء، فحينما يوجد عرض قوي -مثلًا- تقوم بالاستعداد له دائمًا فتعمل على تقسيم أجزائه والتدرب على كل جزء وإخضاعه للتجربة والممارسة، فالتحضيرات والمواظبة على البروفات أساس حسن الأداء.

ثالثًا: جميع الخطوات مرتبطة ببعضها البعض وعلى صلة وثيقة فإهمال أي واحدة منها أو تخطيها يُعرض الفريق للمخاطرة والتورط في عدم إتمام المشروع، فإتباع الخطوات لا يعني الجمود فمن الممكن أن تبدع وتبتكر وتفكر خارج الصندوق وتضع بصمتك الخاصة لكن بنظام لا يخل بإنجاز المشروع.

رابعًا: في كل مشروع تنضم إليه تواجه تحديات جديدة تعزز من خلالها الترابط بين أعضاء الفريق وتكتسبون معًا مهارات جديدة كما تتمكنوا من ترقية المهارات السابقة وتطويرها.

  • لقد كان “سلم توكمان” نموذجًا فريدًا لمعرفة سبل بناء فريق ناجح يستطيع إنجاز كل المشاريع، لكن بغض القليل من النظر عن هذا النموذج العظيم، ألا تعتقد أن عليك الانفراد بأسلوبك الخاص وابتكار أسس إضافية وخلق صبغات خاصة تعزز بها إقامة فريق متيقن من تحقيق نجاحات عظيمة

نحو إنجازات هائلة، ومنظمات عالية المستوى، وفريق عمل رفيع الشأن، علينا أن نقدم لك المزيد من النصائح التي تدفع المؤسسات والعاملين بها إلى التربع على القمة في مجالات الاستثمار.

  • ليس فقط التعاون بين أعضاء فريق العمل هو ما ينتج عنه نجاح المشروع، إنما الترابط بين جميع العاملين في المؤسسة من رئيسها إلى أصغر عامل بها، وخلق روح الود والمحبة، والتشارك والتعاون بين الجميع يحقق نتائج مذهلة لمشاريع المؤسسة بأكملها.

 

  • إدخال الرقمنة ضمن أعمالك، والاعتماد على التكنولوجيا ومحاولة استغلالها لصالح العمل في ارتفاع معدل الأرباح وزيادة التسويق للمنظمة.

 

  • بناء الهياكل التنظيمية الحديثة لأنها بمثابة حجر الأساس لأي مؤسسة، فهي تهتم بالتنسيق بين أعمال المنظمة وتقضي على التكرار والازدواجية، كما تعمل على منح الموظفين صلاحيات تمكنهم من إنجاز العمل.

 

  • لصحة العاملين بالمؤسسة أهمية عظيمة لذا لابد من الاعتناء بسلامة جميع العاملين، وتقديم الخطط ووضع مجموعة من التدابير للتصدي لأي وباء يهاجم البلاد ويؤثر على صحة موظفي المؤسسة.

 

  • تبني سياسية فريق العمل الموجه ذاتيًا وفيه يتحمل أعضاء الفريق المسئولية الكاملة عن إدارة العمل، والتمتع باستقلالية عالية في اتخاذ القرارات، فهذه السياسة يتولد منها تحسين الإنتاجية والجودة ورفع الكفاءة والتحكم في التكلفة وابتكار أساليب تُرضي جميع العملاء.

 

  • توحيد فريق العمل للهدف المنشود، والتنبؤ بمجريات العمل والتركيز على تحسين بيئة العمل مما يُرغب العاملين في تحقيق المطلوب، فهناك مجموعة من التساؤلات لابد أن تكون إجاباتها محفزة وإيجابية كمدى قوة العلاقة بين المدراء والعاملين؟ ومدى الحدس وقوة الاستشعار بالأحداث المستقبلية الخاصة بالشركة؟

 

  • القواسم المشتركة بين أعضاء الفريق وتحديد أوجه التشابه والاختلاف ومحاولة نبذ الاختلاف وتقريب وجهات النظر واتحاد الهدف، بالإضافة لتنمية المهارات وتطويرها، ومدى الاستعداد والجاهزية لتنفيذ مهمة العمل وماهي هى النتائج المتوقعة لتلك المهمة، كل هذه أسس لابد من وضعها أثناء التخطيط لمشروع.

 

  • ثقافة التوازن من أهم الثقافات في مؤسسات العمل بل في الحياة بأسرها، فبعض الإداريين يعانون من ضغوطات العمل وعدم إعطاء أهمية للحياة الشخصية أو العكس، لكن بوضع نظام حاسم سيتمكن العاملون من التوازن بين الحياة الشخصية والحياة الوظيفية، كتحديد ساعات عمل معينة يتم فيها إنجاز العمل بالكلية وفي خلال ساعات العمل هذه يتم إغلاق الهاتف والبعد عن مصادر تشتيت الانتباه، ثم إعطاء وقت كافي للراحة وممارسة الرياضة، ومنح عطلات أسبوعية يتم فيها الاستجمام والاجتماع بالعائلة وتجديد الطاقة والنشاط.

 

  • بث روح التنافس الشريف، ينمي داخل فريق العمل الحرص والاجتهاد في بذل مزيد من الجهد للوصول الأسرع للهدف، وتحقيقه بالصورة المرجوة.

 

  • كونك قائدًا تُعد فريق، فاحرص على تنمية الأحلام واعلى بسقف الطموحات وارسم لهم الواقع بصورة جميلة تساعدهم على الابتكار والإبداع، كن رحب الصدر لأسئلتهم ومناقشاتهم، امنح خيالهم رؤية أهدافهم تسير أمامهم.

 

  • وقوع الخطأ وارد في أماكن العمل، لكن لابد من القائد وفريقه أن يتحلوا بالقدرة على الاعتراف بالخطأ والعمل على تصحيحه وعدم التمادي فيه، فكرة أن لا مجال للخطأ هي فكرة خاطئة في حد ذاتها لأن التعلم من الأخطاء يثري لنا معارفنا ويزيدنا علمًأ.

 

  • المساواة بين أعضاء الفريق حق مشروع لا يجب إغفاله، كإعطاء كل الأفراد مهامًا متساوية، فلا يُكلف فرد دون الآخر، ولا يتحمل فرد أعباءً أكثر من الآخر فالجميع ملزم يؤدي ما يُطلب منه، فالمساواة تنشر روح المحبة والتعاون والتشارك.

 

  • توفير الوقت الكافي للتواصل باستمرار وإتاحة الفرص للأحاديث وتبادل الآراء والخبرات، تقديم الملاحظات والتعليقات الصريحة عليها، الاستماع إلى الأفكار الجديدة والمقترحات، تقبل الشكاوى والعمل على حلها.

 

  • سعي المنظمة الدائم لتنبي السياسات الجديدة في الإدارة والعمل على تطبيقها، وعدم الانحياز لسياسة بعينها، لنتبع السياسة التي تحقق أهدافنا داخل المنظمة وترتقي بنا إلى أعلى درجات في شتى المجالات.

 

  • التقييم والتقدير والمكافآت لها بالغ الأثر النفسي والمعنوي على فريق العمل وتدفعه دومًا للأمام وتحقيق المزيد من النجاحات والبعد عن الإخفاقات.

 

  • في نهاية هذا المقال نرجو أن نكون قد وفقنا لوضع الأسس والمبادئ التي تصلح لبناء فريق متوافق لديه القدرة على تحدي العقبات، وإزالة العوائق، وإنجاز المشروعات، وتحقيق الأهداف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *