- لاشك أننا كلنا نتذكر شركة نوكيا العملاقة التي تفوقت عام 1998 على موتورلا حتى أصبحت العلامة التجارية الأكثر شعبية للهواتف المحمولة في العالم، و ارتفعت أرباحها التشغيلية من مليار دولار لأربعة مليار دولار من عام 1995 لعام 1999، ثم أصبح جوال نوكيا 1100 هو الهاتف المحمول الأكثر مبيعًا على الإطلاق.
وجاء عام 2007 ليشهد إصدار أول جهاز iPhone، وفي ذلك العام كان نصف الهواتف الذكية المباعة في العالم من نوكيا، في حين بلغت نسبة المبيعات لـ iPhone من Apple 5% فقط، وخلال ست سنوات تم انخفاض القيمة السوقية لشركة نوكيا بأكثر من 90%.
ثم حدثت الكارثة وتراجعت نوكيا وسقطت بعد وصولها القمة وتم شراؤها من Microsoft عام 2013 وذلك بسبب رفضها التغيير والتطوير فلم تستطع مواكبة التحديات.
وهناك شركات عديدة غير قادرة على تحقيق أهدافها لعدم تيقنها من نتيجة التغيير ومدى نجاحه، ونحن معًا لنعرف كيف يمكننا إدارة عملية تغيير ناجحة تعود بنفعٍ كبير على الشركة.
- عملية إدارة التغيير
هي مجموعة من الاستراتيجيات والخطط تعمل على الانتقال والتحول السهل من حالة إلى أخرى دون تعطيل سير العمل وتهدف إلى التطوير والتنمية.
وتكمن أهمية التغيير في القدرة على المنافسة بسبب التطور السريع الذي يشهده السوق التجاري في جميع أنحاء العالم، فالشركة التي لا تتمكن من التغيير والتكيف مع التطورات تتراجع وتعلن خسارتها، فمثلا كان Blackberry هو الهاتف المحمول المنتشر في جميع الأسواق وبلغ عدد مستخدميه على مستوى العالم 80 مليون مستخدم، لكنه فشل في تطوير تقنية الشاشة التي تعمل باللمس حتى أصبحت نسبة مبيعاته 0.2٪ فقط في عام 2016.
ويُعد هذا أكبر دليل على أهمية التطوير والتغيير لبقاء الشركات قوية وقادرة على المنافسة، وبعض الشركات تعرف أهمية التغيير لكنها تفتقد المعرفة في طريقة تنفيذه بالشكل الصحيح الذي لا يجعلها تفشل وتحدث أضرارًا لا يمكن إصلاحها.
- الجوانب الهامة في عملية التغيير
* ينبغي إدارة التغيير بشكل صحيح ووضع الخطط المناسبة له حتى يتم تنفيذه دون أن تتأثر العمليات داخل المؤسسة، وتتضمن عملية التغيير الناجحة عدة أمور مثل الحماية من وقوع خسائر، والحفاظ على أصول رأس المال، والحرص على متابعة التغييرات.
* ترتبط هذه العملية (إدارة التغيير) بإدارة الأشخاص فينبغي معرفة من سيكون المسئول عن تنفيذ الإجراءات، ومدى تأثير رفض أو قبول العاملين على نتائج التغيير، فكثير من العاملين داخل المؤسسات لا يرغبون في الانتقال والتحول فهم يخافون المجهول ويريدون العمل بالطرق التي اعتادوا عليها.
* لضمان نجاح العاملين في التكيف مع التغييرات لابد من إشراك جميع أفراد المؤسسة في عملية التغيير وإعلامهم بخطة التغيير وأهميته وكل المستجدات ومنحهم أدوارًا ومسئوليات حتى يشعروا أنهم جزءًا من العملية ويتحمسوا لنجاحها ونجاحهم، كما يمكن الاستعانة ببعض الأفراد من ذوي الخبرات والمهارات، فلا يمكنك التنفيذ بمفردك وإنما النجاح يأتي بالمشاركة والعمل الجماعي.
- أنواع ومستويات عملية إدارة التغيير
على الرغم من أن التغيير أمر شائع ومنتشر إلا أنه يتطلب مجموعة أساليب وتقنيات حتى يتم تنفيذه بشكل فعال، وهناك ثلاث مستويات هامة لإدارة التغيير:
* إدارة التغيير الفردي
نعلم جيدًا أن التغيير يقابل بالمقاومة والرفض، لذلك تتطلب إدارة التغيير الفردي التقرب من العاملين ومحاولة احتوائهم والقدرة في التأثير عليهم لإنجاح عملية التغيير، كما ينبغي التفاعل معهم والاستماع لآرائهم ودعمهم ومساندتهم على التعامل مع التغييرات، ويمكن للمؤسسة عقد دورات تدريبية تؤهلهم للتغيير وتنمي مهاراتهم للتكيف سريعًا ومواكبة التطورات.
* إدارة التغيير التنظيمي (المؤسسي)
وهنا لابد من الكفاءة القيادية لإدارة تغيير ناجح، وينبغي أن تكون المؤسسة لديها المهارات والخبرات التي تمكنها من الإدارة الجيدة لعملية التغيير، ولديها أيضًا القدرة على فض النزاعات وحل المشكلات، وتوفير بيئة عمل إيجابية ومؤهلة للقيام بتطبيق التغييرات.
* إدارة التغيير على مستوى المشروعات والفرق
وتتعامل إدارة التغيير مع فرق المشروعات وتُطلعهم على الخطوات والإجراءات التي يجب اتخاذها على مستوى المشروعات بهدف دعم الأشخاص المتأثرين بالتغيير، وتوزيع الأدوار والمهام على جميع الأقسام مع ضمان التعاون فيما بينهم من أجل تحقيق هدف التطور.
- الخطوات الأساسية لنجاح عملية إدارة التغيير
لكل مؤسسة نموذجها الخاص والمناسب في إدارة التغيير، فلا يوجد نهج واحد يسير عليه الجميع، لكن هناك خطوات لابد من اتباعها حتى تتم عملية التغيير بنجاح:
أولًا: تحديد الأهداف
ينبغي عليك أولًا معرفة مكانة شركتك من حيث قوتها حتى تضع الأهداف المناسبة التي ستكون عليها في المستقبل، ولابد أن تتفق الأهداف مع رؤية شركتك حتى تضمن نجاح التطور مع الحفاظ على هويتك.
ثانيًا: موافقة الإدارة
لا يمكن أن تنفذ عملية التغيير بمفردك حتى لو توفرت لديك كل المعلومات حول العملية، لذلك احصل على موافقة الإدارة والدعم من الفريق الإداري بأكمله، فمساعدة فريق الإدارة يجعلك قادرًا على تخطي العقبات وحل المشكلات لتنفيذ عملية تغيير ناجحة.
ثالثًا: حدد العاملين الأساسيين
ولأن عملية إدارة التغيير شاقة وصعبة فالأمر يتطلب دعم من جميع العاملين في المؤسسة، لذا قم بتحديد بعض الأفراد من ذوي الخبرة والكفاءة واسند إليهم مهام رئيسية، مثل المديرين فاجعلهم يشرفون على كل قسم مما يساعد في سلاسة الانتقال والتحول دون حدوث أي خلل بالعمليات داخل المؤسسة.
رابعًا: توصيل رؤيتك للفريق
ليست الموافقة على التغيير هي كل شيء حيث يجب مشاركة الفريق لرؤيتك ومعرفة تفاصيل خطتك، وتقبل اقتراحاتهم فربما يكون لديهم أفكار جديدة وجيدة تخدم خطة التغيير وبذلك تضمن تحقيق أفضل النتائج.
خامسًا: تجاوز العقبات
قم بتحديد العقبات وضع خطة لتجاوزها فمثلا يجب محو الأنظمة القديمة حتى لا تمثل عقبة أثناء حل الأنظمة الجديدة مكانها، ربما تحتاج معدات جديدة لدعم تنفيذ التغيير، من الضروري تدريب أعضاء الفريق حتى لا يواجه المشكلات أثناء العمل بالأنظمة الحديثة.
سادسًا: عليك تقسيم الهدف
قد يكون هدفك كبير للغاية فتشعر أنه من الصعب تحقيقه، لذا يمكنك تقسيم هدفك إلى مجموعة أهداف صغيرة تعمل على إنجازها بالتوالي، فتحقيق الأهداف يزيد من حماسة العاملين ويشجعهم على تحقيق باقي الأهداف.
سابعًا: اختيار الهدف المناسب
تحقيق الأهداف سريعًا يحفز الموظفين على بذل مزيد من الجهد، لذا عليك البدء بهدف قابل لتحقيق وإشراك الجميع في تنفيذه حتى تحصل على أكبر استفادة من جهودهم.
ثامنًا: متابعة مستوى تقدمك
عليك مراقبة خطوات تقدمك ومتابعة إنجازاتك، فالمتابعة باستمرار تمكنك من معرفة إذا كان هناك تأخير في إتمام المهام أم لا، والتحقق أنك مازالت تسير نحو طريقك الصحيح.
تاسعًا: التحسن المستمر
لا تتوقف عند تحقيق هدفك استمر في التحسين والتطوير، قم بتقييم عملياتك وأضف إليها بعض التحديثات حتى تظل على القمة وتحقق مكاسب عديدة، كما يمكنك دمج التغييرات في سياسة المؤسسة وثقافتها حتى تحافظ على استقرارها.
- التحديات المشتركة لعملية التغيير
تبذل المؤسسات جهودًا كثيرة لتطوير عملياتها وجعلها بسيطة، لكن في طريقها للتغيير والتطور تواجه العديد من الصعوبات والتحديات التي ينبغي تجاوزها للوصول للهدف المنشود وتحقيق النجاح، ومن هذه التحديات:
* إدارة فرق متعددة
بما أن عملية إدارة التغيير صعبة فقد تحتاج إلى عدة فرق لإدارة العملية ومتابعتها، وربما تحتاج استقطاب كفاءات معينة لتنفيذها بنجاح، ويمكن للشركة توفير الفرق والكفاءات التي تحتاجها العملية لكن إدارة فرق كثيرة أمر صعب للغاية لذا ينبغي على الشركة عمل إجراءات تشغيل قياسية (SOPs) واستخدم الأدوات الفعالة مثل قوائم المراجعة والجداول الزمنية حتى يعرف كل أعضاء الفرق الدور الذي عليهم فعله.
* تأثير التطور في مجالات متعددة
عند القيام بعمل تغيير في مجال واحد من داخل المؤسسة فسوف تتأثر باقي المجالات مما يُحدث العديد من المشكلات، لذا ينبغي أن تكون عملية إدارة التغيير شاملة ومتكاملة ومتوافقة بين كل مستويات المؤسسة لمنع وقوع تلك المشكلات، كما يجب وضع خطة لسير العمل تسمح للمشاركين في العملية بالوصول إلى جميع المعلومات والمهام والتعاون لنجاح العملية.
* فشل الاتصال بين الفرق
تحتاج عملية إدارة التغيير إلى اتصال بين جميع أعضاء الفرق لمشاركة المعلومات والبيانات الدقيقة بانتظام، فيمكن عمل وسيلة تواصل تحتوي على توثيق العمليات حتى يستطيع الجميع الوصول إلى ما يحتاجونه بسهولة.
* مقاومة الموظفين للتغيير
دائمًا ما يصحب التغيير معارضة له من قبل العاملين داخل المؤسسة، لذا ينبغي أن يتحلى القائد بالحكمة والصبر في التعامل مع الرافضين للتغيير ومساعدتهم على التدريب واكتساب مهارات إضافية تجعلهم مستعدين للتغيير ومساندتهم للتكيف معه حتى يتم تنفيذه بنجاح.
* فشل أنظمة التغيير ومعالجتها
عند تنفيذ عملية التغيير ربما تجد بعض أخطاء تؤدي إلى فشل العملية، يمكن التراجع عن العملية كما يمكن أيضًا العمل على تصحيح الأخطاء ومعالجة بعض الخطوات التي أدت إلى الفشل، وبالتالي تستطيع الاستمرار في طريقك لتحقيق التغيير وتنمية مؤسستك.
* الحصول على موافقات فورية
قبل استخدام أنظمتك الجديدة، قم باختبارها واحصل على موافقة المختصين، كما يمكنك عمل تقييم من العاملين في المؤسسة أو من خارجها، وجعل عملية الموافقة آلية من أفضل الطرق للحفاظ على سير العمليات بنجاح.
- تُعد إدراك الحاجة إلى التغيير والعمل على تنفيذه في الوقت المناسب أمر هام لبقاء الأعمال وتنميتها، قد يكون التغيير عملية صعبة لكن إذا وضعت الخطة القوية وتسلحت بالأدوات والوسائل المهمة فسوف يتم التطوير بسهولة وسلاسة.