تُعد عملية صنع القرار الفعالة أمرًا مهمًّا وحيويًا لجميع المنظمات، فهي عملية ناجحة وضرورية للاختيار بين البدائل، وتؤثر جميع العوامل في الاختيار؛ لذا يمكننا اعتبار نموذج تحليل شجرة القرار من أهم التقنيات المستخدمة في إدارة المشاريع لاتخاذ الخيارات الصحيحة.
وفي الإمكان تطبيق هذه التقنية على العديد من حالات إدارة المشاريع المختلفة، على سبيل المثال: هل يجب علينا تطوير البرنامج الذي نستخدمه في مؤسستنا؟ هل ينبغي إعداد نموذج أولي لمشروعنا الجديد؟ هل يجب اختيار المقاول منخفض السعر؟ هل يجب أن نختار المشروع منخفض الميزانية؟
وبالنسبة للتحليل الكمّي للمخاطر، يُعد حساب القيمة النقدية المتوقعة (EMV) باستخدام شجرة القرار تقنية شاملة، حيث يمكن تطبيق نموذج تحليل شجرة القرار بناءً على القيمة النقدية المتوقعة (EMV) أثناء اتخاذ القرارات الحاسمة.
والقيمة النقدية المتوقعة، وفقًا للدليل المعرفي لإدارة المشاريع (PMBOK) يمكن تعريفها على أنها مفهوم إحصائي، يعتمد على احتساب متوسـط النتـائـج المحتملة، عـندما يتضمن المستقبل عددًا من الاحتمالات أو السيناريوهات التي قـد تحدث أو لا تحدث، ويتم احتساب التحليل المالي المتوقّع للمشروع من خلال ضرب قيمة كل نتيجة محتملة في احتمال حدوثها، ومن ثم إضافة قيم كل النتائج المحتملة معًا، (الاحتمال × التأثير) يساوي القيمة النقدية المتوقعة، بالنسبة للفرص تكون هذه القيمة إيجابية، وبالنسبة للتهديدات تكون سلبية.
ومن الاستخدامات الشائعة لهذا النوع من الأساليب هو استخدام تحليل شجرة القرارات، الذي يوفّر نموذجًا لحساب قيم النتائج وإمكانات تحقيقها، ويسمح لنا بتحديد الخيار الأنسب بالاعتماد على المعلومات المتوفرة وأفضل التوقعات.
مثال على تحليل شجرة القرار:
نفترض أنك مدير لمشروع محطة توليد الكهرباء وهناك عقوبة في عقدك مع العميل الرئيس عن كل يوم تأخير، تحتاج إلى تحديد المقاول من الباطن المناسب لأنشطة المسار الحرج لمشاريعك، ولكن أثناء اختيار مقاول من الباطن، يجب أن تراعي التكاليف وتواريخ التسليم.
- يقدِّم المقاول من الباطن الأول عطاءات بقيمة 250,000 ألف دولار، وأنت تقدر أن هناك إمكانية بنسبة 30٪ لإكمال 60 يومًا متأخرًا وفقًا لعقدك مع العميل، يجب عليك دفع غرامة تأخير قدرها 5,000 دولار لكل يوم تقويمي عن كل يوم تقوم فيه بالتسليم متأخرًا.
- يقدِّم المقاول من الباطن 2 عطاءات بقيمة 320,000 ألف دولار. أنت تقدر أن هناك إمكانية بنسبة 10٪ لإكمال 20 يومًا متأخرًا. وفقًا لعقدك مع العميل، يجب عليك دفع غرامة تأخير قدرها 5,000 دولار لكل يوم تقويمي عن كل يوم تقوم فيه بالتسليم متأخرًا.
أنت في حاجة ماسة إلى تحديد المقاول من الباطن المناسب لإدارة أنشطة المسار الحرج لمشاريعك. يعد كلا المقاولين من الباطن بالتسليم الناجح والعمل عالي الجودة.
خطوات تحليل شجرة القرار
أولًا- سرد جميع القرارات وإعداد شجرة القرار لحالة المشروع
حيث يتم إعداد شجرة القرار بناء على القرارات والتكاليف والمكافآت للأحداث غير المؤكدة، كما هو موضح بالشكل1
الشكل 1: تحليل شجرة القرار – قرار المقاول من الباطن
ثانيًا- وضع احتمالية لحدوث جميع المخاطر
ومن خلال المثال، يتضح أن احتمال التأخر للمقاول من الباطن الأول هو 30٪ والمقاول من الباطن الثاني هو 10٪، وهذا يعني أن إمكانية الإكمال في الوقت المحدّد للمقاول الأول هي 70٪ والمقاول الثاني هي 90٪، وفي الشكل 2 يتم تعيين احتمال حدوث المخاطر.
الشكل 2: تحليل شجرة القرار – إمكانية التأخر
ثالثًا- تحديد تأثير المخاطرة كقيمة نقدية
ومن خلال هذه الخطوة، يمكننا حساب قيمة المشروع لكل مسار، مستعينين بالجانب الأيسر بالقرار الأول، وتجميع القيم إلى طرف الفرع الأخير على الجانب الأيمن، كما لو تم اتخاذ كل قرار وحدثت كل حالة.
ويوضّح الشكل 3 قيمة كل مسار.
الشكل 3: تحليل شجرة القرار – قرار المقاول من الباطن
كما هو موضّح في الشكل، يتم حساب قيم المسار بواسطة الصيغ التالية:
* المقاول الأول من الباطن، قيمة المسار للانتهاء في الوقت المحدد = قيمة العطاء = 250,000 دولار، قيمة مسار التأخر = قيمة العطاء + الغرامة = 250,000 دولار + 60 × 5,000 دولار = 550,000 دولار
* المقاول الثاني من الباطن، قيمة المسار للانتهاء في الوقت المحدد = قيمة العطاء = 320,000 دولار قيمة المسار للتأخير = قيمة العطاء + الغرامة = 320,000 دولار + 20 × 5,000 دولار = 420,000 دولار
رابعًا- حساب القيمة النقدية المتوقعة (EMV) لكل مسار قرار
في هذه الخطوة، نقوم بحساب قيمة كل عقدة – بما في ذلك كل من عقد الاحتمالات وعقد القرار.
ثم نبدأ بقيم المسار في أقصى يمين الشجرة ثم ننتقل من اليمين إلى اليسار ونحسب قيمة كل عقدة. ويسمّى هذا الحساب “طي الشجرة”. ويتم حساب القيمة النقدية المتوقعة (EMV) لكل عقدة بضرب الاحتمال والتأثير.
المقاول الأول من الباطن:
340,000 دولار= 250,000 × 70% + 550,000 دولار × 30% = EMV
المقاول الثاني من الباطن:
القيمة النقدية المتوقعة = 10% × 420,000 + 90% × 320,000 دولار = 330,000 دولار
ويتضح لنا من خلال هذا المثال أن القيم النقدية المتوقعة (EMV) قريبة جدًّا، لذا نحن نختار المقاول 2 بسبب التكلفة المنخفضة واحتمال التأخر المنخفض.
فاصل
- مصفوفة القرار Decision Matrix
يقول روي إي ديزني: “ليس من الصعب اتخاذ القرارات بمجرد أن تعرف أنها القيم الخاصة بك”.
ومصفوفة القرار عبارة عن سلسلة أو جدول من القيم، توضع داخل مجموعة من الأعمدة والصفوف، وتسمح لمتخذ القرار مقارنة وتقييم الحلول الممكنة للموقف أو الحالة، واتخاذ القرار المناسب، بناءً على أهمية تلك الحلول وأولوياتها مقابل البدائل المتاحة لكل حل من هذه الحلول.
وتعتبر مصفوفة القرار أداة لصنع القرار مثل: مخطط هيكل السمكة أو تحليل مجال القوة، ونحن في حاجة دومًا لأدوات صنع القرار من أجل جعل عقولنا على يقين بأن ما اخترناه هو الأفضل من بين جميع الخيارات.
تحليل مصفوفة القرار Decision Matrix Analysis (DMA)
من أجل تحقيق فهم أفضل لتحليل مصفوفة القرار، يمكننا تناول مثالٍ لذلك، فنفترض أن مصفوفة القرار هي مخالب الدب القطبي؛ لأن اتخاذ القرار الأفضل يحتاج لقوة، وهذا الدب القطبي (مصفوفة القرار) يبحث عن طعام، فيرى ثلاث وجبات محتملة مع العلم بأن الدب القطبي يحتاج إلى الدهون ليبقى دافئًا خلال فصل الشتاء، لذلك سوف يبحث عن فريسة غنية بالدهون، والثلاث وجبات هي:
* فقمة وتعرف أيضًا باسم أسد البحر، وهي من الحيوانات الثدية البحرية، كانت تسبح بالقرب من سطح الجليد، ونجد أن شحم الفقمة وجلدها صحيان للدب القطبي لأنهما يتألفان من كمية عالية جدًّا من الدهون.
* فقمة أخرى لكنها تلد في الجليد، ويكون من الصعب الوصول إليها لأن الدب القطبي سيحتاج إلى السباحة لمسافة طويلة.
* ناروال (الحوت الأبيض) وهو داخل مجموعة من الجليد، لكن يبدو حجمه صغيرًا ولا يسد جوع الدب القطبي.
والآن نتساءل ما هي الفريسة المفترض أن يفترسها الدب القطبي؟ وما هو الخيار الأضمن؟ أي فريسة سوف تشبع الدب 100٪؟
بهذه الطريقة نحن نبحث عن الخيار الأفضل لضمان تلبية احتياجاتنا، يمكننا الآن استكشاف تحليل مصفوفة القرار حقًّا، وهناك خمسة مكونات رئيسة (CLAW) لإجراء تحليل مصفوفة القرار، وهذه المكونات هي: المقارنة، الحدود، التقييم، الأهمية، والأولوية.
* المقارنة: نقوم بعمل مقارنة لكل خيار للتأكد من أننا نتجه نحو الخيار الصحيح، وينبغي أن تكون الميزات أو الخصائص التي نحتاجها مستقرة في أذهاننا.
لماذا نحتاج إلى المقارنة؟
* الحدود: نجد أن مواردنا محدودة وتكفي لعمل واحد فقط، وهذا هو السبب الرئيس الذي يجعلنا بحاجة إلى اتخاذ هذا القرار، حيث لا يمكننا استيعاب أكثر من خيار واحد في الوقت نفسه.
* التقييم: تعتمد عملية التقييم على احتياجاتنا، ماذا نحتاج في كل خيار من خياراتنا؟ هل نحن في مشروع أم فريق؟ ما هي الخيارات التي يمكن أن نتحملها بما لدينا من موارد؟
ما هو الأمر الذي سنتبعه لتقييم خياراتنا؟
* الأهمية: وهي درجة الأهمية للخصائص من أجل الوصول للقرار، فمثلًا عند سير الدب القطبي للفريسة، هل ستعطي القيمة الغذائية 5 والمسافة 4؟ ستحدِّد درجة الأهمية عدة أمور.
* الأولوية: فمن خلال تحديد الأهمية يمكنك تحديد الأولويات، ستساعدك الأهمية على تصور أولوياتك ومعرفة ما يهم أكثر لمشروعك أو الاستفسارات الأخرى التي تستخدم تحليل مصفوفة القرار عليها.
مثال على تحليل مصفوفة القرار:
في الشكل التالي يوجد مصفوفة قرار فارغة يمكن استخدامها وفقًا لاحتياجاتك
يمكن أن تمثل هذه المصفوفة بحثك عن مدير مشروع لتوظيفه من أجل تحسين أداء فريقك، وتكون احتياجاتك في مدير المشروع هي القيادة، الالتزام بالمواعيد، العزم، القدوة، والإبداع، عليك التفكير في مشروعك والقيام بتسوية هذه الخصائص وفقًا لذلك.
وتقاس درجة الأهمية والاحتياج من 1 إلى 5، فإذا كنت تريد الالتزام بموعد التسليم فيمكنك جعله في درجة الأهمية رقم 5.
بعد تحديد الأهمية، يمكنك الآن تقييم المؤهلات الفعلية لأول المرشحين لوظيفة مدير مشروع.
سنقوم الآن بمضاعفة الأهمية والقيمة الفعلية المقترحة لمرشحنا من أجل الحصول على رؤية أوسع لما قد يجلبه مرشحنا إلى بيئة عملنا.
ستكون النتيجة الإجمالية للمرشح الأول لوظيفة مدير مشروع هي 48. بعد إجراء نفس التحليل على مرشحينا الآخرين، سنأخذ قرارنا فيما يتعلق بالمرشح الذي يجب أن نرحّب به.
وفي النهاية، نجد أن تحليل مصفوفة القرار ستساعدنا على حل وتنفيذ القرارات المعقدة والغامضة، فهي وسيلة في غاية الأهمية لحل المشكلات التي لها خيارات ومعايير متعددة، كما تستخدم أيضًا عند رغبة الشركة في تطوير منتج جديد، كما أنها تسهم في تحديد أفضل مسار لعمل الشركة.