تدريب وحلقات نقاش

التخريب الذاتي وطرق التغلب عليه

يُعد التخريب الذاتي self-sabotage أحد السلوكيات السيئة التي يتبعها الأشخاص في أسلوب تفكيرهم مما تؤدي بهم إلى الفشل وعدم تحقيق الأهداف وخسارة أعمالهم.
والتخريب الذاتي -ببساطة- يهدف إلى جعل الإنسان في منطقة الراحة، وسيطرة الخوف عليه من الإقبال على أي تغيير، فهو يخشى النجاح وعواقبه ويرغب في البقاء آمنًا مستقرًا لأنه يرى نفسه لا يستطيع إحداث التغيير.
ورجال الأعمال لديهم العديد من المهام والمسئوليات وأهداف كثيرة لابد من السعي إلى تحقيقها، لكن قد يصبح هذا السلوك من أكبر العقبات في طريق نجاحهم، لذا ينبغي عليهم تعلم أنماط التفكير الصحيح للتغلب على السلوكيات السيئة والوصول إلى أهدافهم بسهولة.

 

أولًا: انتشار التخريب الذاتي بين رواد الأعمال وتأثيره عليهم
ينتشر سلوك التخريب الذاتي بين رواد الاعمال بسبب عدم اعترافهم بالخطأ وعدم اتخاذ إجراءات تصحيحية، مما يؤدي إلى التأثير السلبي على أعمالهم، فتراهم -أحيانًا- يقومون بالاشتراك في أنشطة تعتبر إهدارًا للوقت.
فعلى سبيل المثال، قام أحد رواد الأعمال بإنشاء موقع رئيسي للإعلان عن الوظائف باسم Careercity.com لكنه لم يستطع مواكبة المنافسين وتراجع مستوى العمل وأصبح هذا الأمر واضحًا ونصحه أصدقائه بإغلاق هذا الموقع وتوفير الأموال التي تُهدر دون فائدة، لكنه استمر في ذلك ورفض نصائح زملائه.
فأدى هذا السلوك (الرفض والإنكار) إلى تخريب الذات ووقوع خسائر كبيرة، فبعد سنوات عديدة من الإنفاق قام ببيع CareerCity مقابل مبلغ زهيد، فلم يتمكن من النظر إلى هذا المشروع بعقلانية والاعتراف بفشله ومحاولة وضع خطة جديدة للتطوير.

وهذا النوع من التخريب الذاتي يسبب ضررًا بالغًا لكونه غير مرئي، لأنك تقوم بالمماطلة وتؤجل إحداث أي التغيير كمنتج بحاجة إلى التحسين أو مراجعة البرنامج التسويقي.

 

ثانيًا: لماذا يقوم رواد الأعمال بالتخريب الذاتي؟
السبب الرئيسي لسلوك التخريب الذاتي هو الخوف، فعقل الإنسان دائم الشعور بالخوف ويرغب في العزلة وعدم الإقدام على فعل أشياء جديدة، يفضل الهروب وعدم المغامرة حتى لا يتعرض للمخاطر.
تسيطر عليه مشاعر الخوف من عدم الارتقاء وعدم تحقيق الأهداف، فيظل في مكانه لا يسعى لإنجاز أي شيء لأنه يرى نفسه غير مؤهل ولا يستحق النجاح، يدمر نفسه بتلك المعتقدات ويخرب ذاته ولا يحرز أي تقدم في حياته المهنية.

ثالثًا: إنكار التخريب الذاتي
رواد الأعمال لا يعترفون -على الإطلاق- بأنهم يخربون ذاتهم، يحاولون الميل إلى عدم الإدراك واللاوعي، وينكرون تدمير ذاتهم ويقولوا إنهم ليسوا أغبياء لدرجة أنهم يخربون أنفسهم.
ويروا أن اعترافهم بذلك يجعلهم رواد أعمال غير أكفاء، لكنهم بشر مهما كان عملهم أو وظيفتهم هم بشر قد يخطئوا وقد يصيبوا، واعترافهم بأنهم يخربون ذاتهم يُعد بداية الطريق الصحيح لتحقيق ما يريدونه بل ويجعلهم على درجة كبيرة من الاحترافية.

رابعًا: سلوكيات التخريب الذاتي الأكثر شيوعًا وطرق التغلب عليها
* عدم إعداد خطة فعالة لإدارة مهامك وأعمالك من السلوكيات التي تؤدي إلى تخريب ذاتك، فأنت تظل تعمل لوقت طويل دون خطة واضحة، وتهدر الكثير من الوقت لعدم ترتيب وتنظيم أولوياتك، فالتفكير لدقائق قليلة في المهام المطلوب إنجازها تنظيمها يوفر لك المزيد من الوقت.
لا يمكن أن تعمل كل يوم بروتين معروف، ينبغي أن توفر مساحة للإبداع والابتكار والتغيير، يمكنك اتباع أساليب جديدة ومواكبة الطرق الحديثة في العمل، حتى تحرز تقدمًا مستمرًا.

* الخوف من الفشل والقلق والتوتر كلها أمور في الطبيعة البشرية، لابد وأن يعترف بها الإنسان ولا يجعلها تسيطر عليه لدرجة تعيق تقدمه وتطوير أعماله، لا بد وأن يتغلب عليها حتى لا يصبح مُخربًا لذاته ومدمرًا لنفسه.

* بعض الأهداف تأخذ وقت طويل وتواجه صعوبات كثيرة في تحقيقها، لكن لا يمكنك التوقف استمر في العمل فكل يوم يحمل نجاحًا وتقدمًا، فالعروض التقديمية تُعد نجاحًا، والوصول إلى رضا العملاء يعتبر تقدمًا.

* لا توجه نقدًا لذاتك باستمرار ولا تقلل من شأن نفسك، ولا تجعل للسلبية والانهزام مكانًا داخلك، حاول إحداث تغيير -ولو بسيط- وقم بتجديد أساليب العمل ولا تكن أسيرًا للروتين المعتاد.

* تُعد المماطلة تدميرًا ذاتيًا لأنك تؤجل المهمة وتنجزها في اللحظات الأخيرة وتحت ضغط، بالفعل تم إنجاز المهمة لكن دون مراجعتها أو تحسينها أو الإبداع فيها أدائها، لا يمكنك إعاقة نفسك وتشتيتك عن المهام المطلوبة وإضاعة الوقت في أمور صغيرة، تغلب على التسويف وابدأ في إنجاز مهامك ولا تخشى النتيجة لأن مجهودك لن يضيع سدى وسوف تحصد نتائج إيجابية.

* إذا أردت بناء ذاتك وتطويرها حاول أن تختار فكرة عمل سهلة وبسيطة حتى تتمكن من إنجازها بصورة جيدة وإبداعية، وبعدها اختر فكرة أخرى تحمل بعض الصعوبة وحفز ذاتك وشجع نفسك ولا تقلل من مهاراتك.

* العديد من الشركات تقوم على رضا العملاء والاستجابة لمتطلباتهم، لا يمكنك تأجيل عمليات البيع من أجل الانتهاء من المهام المطلوبة، حاول أن توازن بينهما وذلك بالخروج من منطقة راحتك التي تشعرك بالأمان وعدم المغامرة والتحدي، فكلما ابتعدت عند منطقة الراحة صرت مبدعًا وناجحًا ومحققًا أهداف متوالية.

* من سلوكيات تدمير الذات أن تحمل نفسك فوق قدرتك واستطاعتك، فلا تتمكن من إنجاز المهام كما يجب، لذا ينبغي عليك تكوين فريق عمل محترف تُفوض له بعض المهام التي تناسبه وتعمل أنت على المهام ذات الأهمية الكبيرة.
وحاول عدم تجاهل آراء الآخرين وخاصة ردود الفعل الجيدة لأنها تزيد من نشاطك وتحفزك على بذل المزيد.

* الأهداف غير الواقعية يمكن أن تؤدي إلى تخريب ذاتك لأنك ستشعر بالعجز إن لم تحققها، حاول أن تكون أهدافك مناسبة لمهاراتك وقدرتك حتى تحققها بسهولة.

* من السلوكيات التي تحبط الذات أن الإنسان لا يرى شكرًا أو ثناءً على ما يفعله، فإن لم يشكرك الآخرين اشكر أنت نفسك وقم بمكافأتك واحتفل عندما تحقق هدفًا خططت له.

* ليس من المنطقي ألا تستعين بأصحاب الخبرات، لأنهم سيقدمون لك يد العون ويعطوك من خبراتهم ومعارفهم ويقدموا لك الدعم حالما شعروا بأنك تعتمد سلوكيات سلبية قد تؤدي إلى تدمير ذاتك.

* تأجيل القرارات الرئيسة، والتركيز على أشياء كثيرة غير مهمة، معالجة المهام السهلة أولا بدلا من الأكثر أهمية أو صعوبة.

* أنت تدمر ذاتك حين تنكر نقاط ضعفك، لكل إنسان نقاط ضعف والاعتراف بها يساعد في القضاء عليها أو تحويلها إلى نقاط قوة لتحقق نتائج إيجابية.

* عدم التواصل مع رواد الأعمال الآخرين، وتجاهل البريد الإلكتروني الأخبار الوطنية أو المالية.

* الخلط بين الحياة الشخصية والمهنية، لا يجب أن تؤثر مشاكلك الشخصية على أداء عملك، فهذا السلوك غير جيد ولا بد من السعي لتحقيق التوازن.

* من السلوكيات الضارة التي تؤدي إلى حدوث خلل وارتباك هي عدم النوم مبكرًا وأخذ القسط الكافي من الراحة وتناول أطعمة غير صحية، لذا لابد من تنظيم مواعيد نومك وتناول المأكولات الصحية حتى تستطيع أن تؤدي أعمالك بنشاط وحيوية.

* عدم ممارسة الرياضية يمكن أن تضر بنفسك، لأن الرياضة لها فوائد صحية وعقلية للإنسان.

* اختلاق الأعذار والمبررات قد تؤدي إلى فشلك وتخريب ذاتك، لذا ينبغي عليك أن تتحلى بالوضوح ومصارحة نفسك ومعالجة أخطائك وابتعد عن الكبر والكبرياء حتى لا تكون سببًا في خسارة أعمالك.

خامسًا: الطرق الفعالة للقضاء على التخريب الذاتي

كل شخص لديه مجموعة معتقدات سيئة تسهم -بشكل كبير- في تدمير ذاته، الأمر المهم في تلك القضية هو اعتراف الشخص وإدراكه بذلك وصراحته مع نفسه، حتى لا يصبح ضحية لسلوكيات سلبية تخربه من الداخل.
فالاعتراف والإنكار هو البداية الحقيقية والصحيحة للقضاء على تلك السلوكيات، فمعرفة الإنسان بمناطق الألم والمعاناة هي الخطوة الأولى للشفاء.

والطريقة المثلى للقضاء على السلوكيات المدمرة لذاتك هي ألا تحاول تغيير جميع السلوكيات مرة واحدة، يمكنك التركيز على سلوك واحد ومعالجته، وعندما تتأكد من أنك قضيت عليه، ابدأ في التغلب على سلوك آخر سيء.

ينبغي أن تتمتع بعقلية مفكرة لديها رؤية عميقة للمهام المطلوب إنجازها، لا يمكنك العمل دون خطة قوية، حتى لا تجد نفسك أهدرت وقتًا وبذلت مجهودًا على أمور ليس لها أهمية.

لابد من تقليل الخوف لأنه -وحده- كفيل أن يدمرك من الداخل، فالخوف يعيق تقدمك ويجعلك لا ترغب في المخاطرة، لكن من أجل تقليل الشعور بالخوف يمكنك وضع قيود على المخاطر بمعنى أن تكتب الحد الأقصى للمخاطر المالية التي تستطيع تحملها، والحد الأقصى من الوقت مع بعض المعالم التي تريد تحقيقها.
ويُعد هذا مفيدًا لأن وضع الحد الأقصى للمخاطر المالية وإهدار الوقت يساعدك في رؤية الجانب السلبي السيئ وبالتالي ستحاول الحد منه، أو وضع التدابير اللازمة لمواجهته، كما ينبغي عليك -أيضًا- توقع الجانب الإيجابي الأفضل، حتى تضع خطة شاملة تحتوي على رؤية مستقبلية في حالة نجاح العمل.

ومن أفضل الطرق الفعالة للتخلص من التخريب الذاتي وإدارة الأعمال بعقلية مستنيرة وذهن صافي، أن تقوم بممارسة الرياضة بانتظام فلا يمكنك اتخاذ القرارات الصحيحة وأنت لا تستطيع التفكير بشكل جيد أو تشعر بالتوتر.
ممارسة الرياضة تقضي على التوتر والقلق فبالإضافة إلى فائدتها البدنية، لها فائدة عقلية أيضًا، فالرياضة تؤدي إلى رفع معدل ضربات القلب لمستوى صحي وهذا مفيد لجسدك وعقلك معًا.
واختر الوقت الذي يناسبك سواء في الصباح أو بعد الغداء أو في المساء، المهم أن تدرج ممارسة الرياضة ضمن خطة يومك، فكل المشاعر السيئة كالشك الذاتي، والنقد الذاتي، والمخاوف العميقة ستزول وتنتهي عندما تمارس الرياضة.

جميع رواد الأعمال يعانون من سلوك التخريب الذاتي، حتى الشركات الكبيرة لديها بعض السلوكيات السلبية، لكن ينبغي الاعتراف بها وتحديدها من أجل القضاء عليها وإحراز التقدم وتحقيق النجاح.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *