تطوير شخصي ومهني

إدارة الوقت بكفاءة.. تقنية بومودورو نموذجًا

بعد المرور بأساليب عديدة وتجربة طرق مختلفة لزيادة الإنتاجية وتعزيز التركيز، وجدنا أن تقنية بومودورو من أفضل التقنيات في إدارة الوقت بكفاءة وأحسن الأدوات للتغلب على التسويف والمماطلة.

 

(Pomodoro) كلمة إيطالية تعني طماطم، وهذه التقنية قام بتطويرها الإيطالي فرانشيسكو سيريلو أواخر الثمانينيات، وتشير إلى تقسيم العمل إلى عدة مهام على فترات زمنية مع أخذ راحة عند الانتهاء من كل مهمة، ووضع ساعة إيقاف أو مؤقت زمني لجعلك مسئولا وملتزمًا بذلك.

 

وترجع تسمية التقنية بـ بومودورو أي طماطم إلى فرانشيسكو عندما وجد نفسه فاقدًا للتركيز ولا يستطيع إنجاز مهام دراسته، ففكر في أن يدرس لمدة عشر دقائق فقط لكن بجد واجتهاد، وعمد إلى مؤقت ليجعله منضبطًا فوجده على شكل طماطم لذا سميت هذه الطريقة بـ بومودورو.

 

وقد أصبحت هذه التقنية من أفضل التقنيات في التغلب على المماطلة، فهي تساعد على زيادة الإنتاجية وإدارة الوقت، وبالطبع لها دور كبير في الحد التوتر والقلق المصاحبين لأعباء العمل الزائدة.

 

أما عن المهام الخاصة بالمشاريع الضخمة فنلاحظ الطاقة الكبيرة والجهد العظيم الذي يُبذل لإنجاز المشاريع بنجاح، وقد يؤدي هذا إلى ميل العاملين للمماطلة والتسويف، لذا تم اعتماد تلك التقنية من خلال تقسيم المشروع إلى مهام صغيرة ليتم إنجازها على فترات زمنية محددة بدلا من القيام بكل المهام مرة واحدة.

 

وينبغي أن نعرف كيفية العمل بهذه الطريقة، فهذه الطريقة تنبه على أنه إذا كانت المهام تستغرق 25 دقيقة فيمكن أخذ راحة لمدة خمس دقائق فقط، وعندما تزيد المهمة فيستغرق إنجازها 45 دقيقة يمكن أخذ راحة لمدة عشر دقائق، وبذلك يعتمد تغيير الوقت على مقدار المهام المطلوب إنجازها.

وعن الأسباب التي تجعل بومودورو من التقنيات الفعالة فهذه الأسباب هي:
* تسمح لك هذه التقنية بأخذ فترات راحة بين كل مهمة، وبذلك تبدأ المهمة بتركيز عالٍ وطاقة كبيرة.
* تمنحك تقنية بومودورو الشعور بالنجاح وإنجاز المهام وتحفزك على مواصلة العمل.
* تمكنك من الحفاظ على تركيزك، وتسهم في الحد من عوامل التشتت والارتباك.
* تقنية بومودورو تجعل لك نظرة ثاقبة وموضوعية حول مقدار الجهد والوقت لإنجاز المهام.

 

خطوات تطبيق تقنية برمودورو

أولًا: فيما يتعلق بالمؤقت فيمكنك استخدام المؤقت على الهاتف المحمول، أو مؤقت بومودورو مثل Focuskeeper أو BrainFocus، بالإضافة إلى مؤقت الإنتاجية الدوار السداسي، ومؤقت بومودورو عبر الانترنت مثل Tomato Timer أو Pomodor.

ثانيًا: خطوات التطبيق الفعالة هي:
* اختيار المهمة والتي يمكن أن تستغرق 25 دقيقة على أقل تقدير.
* ضبط المؤقت والبدء في إنجاز المهمة مع الابتعاد عن أي مصادر للتشتيت كوسائل التواصل الاجتماعي.
* أخذ استراحة لمدة خمس دقائق، يمكنك الاسترخاء خلالها أو تناول المياه لما لها من فوائد كثيرة.
* البدء بالمهمة التالية بعد الانتهاء من الخمس دقائق الراحة، مع تكرار هذا أربع مرات أخرى.
* يمكنك بعد أربع مرات الذهاب إلى استراحة لمدة زمنية أكبر ولتكن من 15 إلى 30 دقيقة، كي تستعيد نشاطك وطاقتك من جديد وتُواصل العمل بكفاءة.

ينبغي أن تعلم جيدًا أن فترات الراحة في تلك التقنية تُعد إلزامية فلا يمكنك الاستغناء عنها ومواصلة العمل دون راحة، كما يجب ألا تمارس -أثناء الراحة- أمرًا يحتاج إلى إجهاد عقلي حتى توفر طاقتك ومجهودك للمهمة التالية.
وأثناء فترة الراحة لا تكلف نفسك بالقيام بأشياء متعددة فيمكنك السير قدمًا أو تناول المياه أو مشاهدة مقطع فيديو ترفيهي.

 

عيوب تقنية بومودورو

رغم فعالية تلك التقنية إلا أنها قد لا تتناسب مع جميع المهام في المدة الزمنية المحددة، لأن هناك بعض المهام تتطلب إبداعًا وابتكارًا كالكتابة والتصميمات وهذه المهام بحاجة إلى فترات زمنية أطول دون فواصل، بالإضافة إلى وجود بعض المهام الأخرى كالاجتماعات والمقابلات لا تسمح بأخذ فترات راحة.
كما نجد العديد من المهام التي يتم إنجازها في مدة أقل من 25 دقيقة.

وهنا يمكننا التأقلم مع هذه التقنية الفعالة من خلال إضفاء بعض التعديلات عليها كي تتناسب معك.
فعلى سبيل المثال، إذا كنت لديك مهمة ما تستغرق لإنجازها 60 دقيقة ستكون فترة الراحة 15 دقيقة، وهذا يعتمد على طبيعة المهمة وطاقة الشخص ومجهوده ووقته.
لكن نرى أنه من الأفضل الالتزام بالتقنية كما هي (25 دقيقة لإنجاز المهمة وخمس دقائق للراحة) وذلك تجنبًا لإساءة استخدامها أو عدم الحصول على فعاليتها.

 

تقنية بومودورو من منظور علمي

قد يتساءل البعض عن وجود دليل علمي يؤكد فعالية هذه التقنية، لذا نضع بين أيديكم بعض الأبحاث والدراسات التي تُظهر مدى فعالية هذه التقنية وما يشابهها في تعزيز التركيز وتحسين الإنتاجية ومن أمثلتها:

* قام الباحثون -الذين فحصوا عادات الموظفين- باكتشاف أن حوالي 10% من العاملين الأكثر إنتاجية هم الذين تستغرق مهامهم 52 دقيقة متواصلة لإنجاز العمل، ثم يليها استراحة لمدة 17 دقيقة.
ووجدوا أن مدة الراحة هذه يبتعد فيها العاملون عن أجهزة الحاسب الآلي ويمارسون الرياضة أو التحدث مع الزملاء في موضوعات خارج نطاق العمل.

 

* وهناك دراسة تم نشرها عام 2011 في مجلة “Cognition” أوضحت أن الأداء المتواصل للمهام دون أخذ فترة للراحة يسهم في انخفاض أداء العاملين، أما أخذ فترات راحة قصيرة بين المهام يساعد على زيادة التركيز لدى العاملين ويساعدهم في مواصلة العمل بكل طاقة ونشاط.

 

* وعند القيام بتحليل حوالي 22 دراسة تأكد لنا أن فترات الراحة لمدة عشر دقائق أو أقل تسهم -بشكل ملحوظ- في الحد من الإرهاق أو التعب وتعزيز الطاقة وزيادة الإنتاجية.

 

* لقد قرر باحثو المعاهد الوطنية للصحة أن أخذ فترات للراحة بين المهام كممارسة العزف على البيانو يؤدي إلى التمتع بذاكرة قوية، ويساعد على اكتساب العديد من المهارات.

 

* بالإضافة إلى دراسة أخرى من إدارة الطيران الفيدرالية والتي أكدت على أخذ فترات راحة خلال أداء المهام لأن ذلك يعمل بفعالية على زيادة الوعي والتركيز بنسبة قد تصل لـ 16%.

أما عن تجربتي الخاصة مع هذه التقنية فيمكنني أن أؤكد لك مدى النتائج الإيجابية التي قمت بحصدها بعد تطبيق هذه التقنية على أداء مهامي، لقد استطعت التغلب على التسويف والمماطلة وأصبحتُ على مقدرة من إدارة وقتي بكفاءة واحترافية، وبالتالي حققتُ العديد من النجاحات والإنجازات.
وفي بعض الأحيان كنت أقوم ببعض التعديلات في هذه التقنية فمثلا أعمل لمدة 120 دقيقة مع أخذ راحة لمدة 30 أو 60 دقيقة، وعند إنجاز المهام بالصورة المطلوبة كنت أكافئ نفسي حتى يكون لدي حماسة على مواصلة العمل بكل طاقة واجتهاد.

والشيء المدهش في الأمر أني قمت بتطبيق هذه التقنية على مهامي في حياتي اليومية الخاصة كالتنظيف والطهي، حتى صارت تلك التقنية أسلوب حياة فعال ومميز.

 

يمكننا في النهاية منحك بعض النصائح من أجل تطبيق تقنية برمودورو بنجاح:
أولًا:
عند حدوث اضطراب أو خلل في مهمة ما، عليك بأخذ استراحة ثم معاودة البدء من جديد.

ثانيًا: ينبغي أن تتجنب حدوث أي انقطاع أثناء أداء المهمة كي لا يتشتت تركيزك.

ثالثًا: لا تجعل فترات راحتك بالذهاب إلى صفحات الفيس بوك والانستغرام، بل الأفضل أن تقوم بتناول المياه أو العصائر الطازجة التي تساعد على تجديد نشاطك.

رابعًا: عند إنجاز مهمتك قبل موعد المؤقت، يمكن استغلال ما تبقى من الوقت في تحسين مهارات واكتساب خبرات جديدة من خلال قراءة المجلات المتخصصة في مجال عملك.

خامسًا: يمكنك تدوين إنجازاتك اليومية حتى يكون لديك حماسة لمواصلة الاجتهاد والعمل بصورة أفضل.

سادسًا: عليك تحديد الهدف الذي ترغب في تحقيقه وقم بتطبيق هذه التقنية عليه، وقدم مكافئة لنفسك عندما تحققك هدفك، سيساعدك هذا على تحسين إمكاناتك وتحقيق المزيد من الأهداف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *