حوكمة وتنظيم داخلي

إجراءات العمل القياسية في التصنيع الرشيق

تُعد إجراءات العمل القياسي Standard Work من أهم العناصر الأساسية في التصنيع الخالي من الهدر lean manufacturing، فالعمل القياسي يقوم على مجموعة من المعلومات والخطوات المطلوب تنفيذها لأي مهمة داخل بيئة العمل، وأسلوب العمل القياسي يتطلب معرفة من يقوم بأداء المهام ومتى وكيف، لأنه ينبغي توثيق الإجراءات في شكل تعاوني مع كافة الأعضاء الذين سيقومون بأداء المهمة كجزء من وظيفتهم.

وبعد القيام بوضع خطوات المهمة المطلوب تنفيذها وتوثيقها لابد من اطلاع العاملين عليها بما فيهم العاملين الجدد حتى يتمكنوا من اتباعها بطريقة صحيحة.

ويشتمل أسلوب العمل القياسي على عناصر ثلاثة أساسية وهي:

* Takt time ويشير إلى معدل الوقت المطلوب فيه إنجاز المنتج لتلبية متطلبات العملاء، ويمكن معرفته من خلال تحديد الوقت الفعلي المتاح لديك وتقسيمه على عدد الدفعات أو المنتجات التي يحتاجها العملاء.

 

* تسلسل العمل Work Sequence ويقصد به ترتيب وتنظيم خطوات المهمة المطلوب إنجازها من خلال استخدام مخطط العمل القياسي.

 

* عمل قيد التنفيذ In-Process Inventory ويشير إلى المخزون الذي تهدف منهجية Lean إلى الحد منه لأن المخزون أحد مصادر الهدر

 

ومن الملاحظ في أسلوب العمل القياسي أنه ليس ثابتًا لكنه يعتبر ديناميكيًا يتسم بالتطور، لذا ينطبق عليه نهج كايزن للتحسين المستمر، فعلى الرغم من وضع خطوات المهمة المطلوب تنفيذها وتوثيقها (أسلوب العمل القياسي) إلا أن العاملين لا يمكنهم التقيد في التنفيذ بل يقدمون اقتراحات لإجراء التغيير من أجل التحسين والتطوير للأفضل، وبناء عليه يتم تحديث الخطوات الموثقة وإعلام الأطراف المعنية بإجراءات التغيير الجديدة.
ومن أهم ما يميز أسلوب العمل القياسي أنه من السهل التنبؤ بنتائج العمل وبذلك تكون إدارة الأعمال أيسر وأقل جهد وضغط، لأن قيام كل شخص بعمل مختلف عن الآخر يسهم في ظهور مودا ومورا وموري والتي يصعب التخلص منهم و Mura وهي التفاوت في الأداء، muda وهي مصادر الهدر والأشياء عديمة النفع، Muri وتعني تحميل الآلة أو الشخص عبء إضافي أكثر من طاقته.

 

ونجد جون شوك وتوشيكو ناروساوا يعرفا العمل القياسي في كتابهماKaizen Express على أنه أساس تصنيع المنتجات بطريقة أسهل وأكثر أمانًا وذات جودة بناء على بعض التقنيات، فالعمل القياسي أو المعياري يعطينا فهمًا واضحًا لما ينبغي علينا القيام به وكيف سنقوم به.

 

ويمكننا الاطلاع على أهم الفوائد التي يقدمها لنا العمل القياسي وهي:

* يجعل لدينا القدرة على التنبؤ بالنتائج كتحسين السلامة والجودة والتكلفة.

* رؤية مهام العمل بوضوح وترتيبها لتجنب زيادة الأعباء
* القدرة على إجراء أشكال متعددة من التحسينات مثل كايزن

* منح الحرية للعمل الإبداعي والمبتكر

* يساعد العاملين على ترتيب العمل وتنظيمه

* يسهم في تطوير العاملين وتنمية مهاراتهم

 

ونؤكد على أن الأعمال التي نمارسها يتكرر جزء كبير منها، والأشياء المستجدة تعتبر نسبة قليلة في إجراءات مهامنا، لذلك فمن الأفضل توحيد كل شيء لأنه سيعود بتأثيرات إيجابية على أدائنا.

 

ونلاحظ أن المعايير هي الطرق المتفق عليها في مهمة ما من أجل القيام بها وإنجازها بنجاح، ونحن -جميعًا- نرغب في اتباع المعايير في حياتنا المهنية أو الشخصية لأن ذلك يمنحنا القدرة على تحقيق نجاحات متوالية، فالضوء الأحمر في إشارة المرور -مثلا- يشير إلى وجوب التوقف واللون الأصفر للاستعداد أما اللون الأخضر فيحثنا على الذهاب والانطلاق، وبذلك فإن الالتزام بتلك المعايير يضمن لنا السلامة والنجاة.

 

ويقول أحد العاملين لدى شركة طاقة إن الشركة كانت تواجه مشكلة في الوقت المستغرق لعمل تسعيرة للمنتج الذي طلبه العميل وعندما اتصل العميل كان على الموظف المختص أن يمر عبر 2600 حقل داخل برنامج Excel لعمل التسعيرة، وبالطبع كانت عملية مرهقة ومعقدة لأنها استغرقت نحو 45 دقيقة، لكن من خلال تفعيل إجراءات العمل القياسي أصبحت العملية لا تزيد عن دقيقتين، وبالتالي يتمكن الموظف من العمل على مهام أخرى تضيف قيمة للعملاء.

وقد يرى البعض أن تطبيق معايير وأنظمة جديدة يؤدي إلى استغناء الشركات عن بعض موظفيها، وهذا الأمر غير صحيح لأن العاملين سوف يتم توظيفهم واستغلال مهاراتهم وإمكاناتهم في مهام أخرى تضيف قيمة للعميل وللمنتجات.

وهناك بعض الإرشادات التي يجب اتباعها قبل البدء في تطبيق إجراءات العمل القياسي:

ينبغي -قبل البدء- التأكد من اختيار المهام المتكررة لديك والتي لا تستغرق أكثر من 10 دقائق، ويمكنك الاجتماع بالموظفين وسؤالهم عن أهم المشكلات التي تقابلهم في تلك المهام من أجل التركيز عليها، فعلى سبيل المثال لدينا في سوق العمل Labor Market إجراء بسيط وقد ركزنا عليه وهو التعبئة وبسؤال العاملين حول الطريقة الفعالة لإكمال مهمة التعبئة والأسلوب غير الآمن للقيام بالمهمة والأخطاء التي يمكن حدوثها، تمكنا من التوصل لمعرفة المشكلات وبدأنا نظهر لهم الفوائد كوجود بيئة العمل الإيجابية والأهداف التي سنحققها معًا، وأخبرناهم أنه لا داعي لوجود مخاوف، وهذا الأمر يشبه تطبيق Lean التي تظهر الأمر صعبًا في البداية لكن مع تفعيلها تؤكد على سهولة أداء المهام والحد من بذل الجهود.

أهم الخطوات لتحقيق إجراءات العمل القياسي داخل مؤسستك

 

* فهم التفاوت والفجوة

وتُعد من مهام المدراء وموظفي الخطوط الأمامية، وتتعدد طرق فهم الفجوة في الأداء لكن من خلال جدول القدرة الإنتاجية تتمكن من معرفة مكان المشكلات (الاختناقات)، وهناك الكثير من الحالات التي تؤكد على وجود مشكلة فمثلا وجود حالة يقوم فيها ثلاثة عاملين بنفس الوظيفة لكن تأتي النتائج مختلفة.

 

* فهم عناصر العمل

فمن خلال إعداد مخطط العملية ومخطط Spaghetti تتمكن من تحديد عناصر العمل المختلفة والوقت المطلوب لإنجاز كل خطوة، ومن أجل الحصول على الفهم الصحيح يمكنك النظر في الوقت المطلوب لتقديم كل إجراء عشر مرات وقياسه عشر مرات، وبذلك تستطيع عزل القياسات الأدنى والأعلى وتحديد أقل الأوقات القابلة للتكرار.

وبعد تطبيق ذلك على الفريق يمكنك استخدام المخطط التفصيلي لحالة العمل OBC والذي يعمل على توزيع عناصر العمل وفقا لـ Takt time، فمن خلاله تستطيع معرفة سبب استغراق العامل الثاني وقتًا أكثر من العامل الأول، ومن الخطأ أن تتوصل للمعرفة بمفردك لأن الأفضل أن تمنح العاملين فرصة التوصل للمعرفة والحلول المناسبة.

 

* تحديد تركيزك تجاه أمر ما

نفترض -مثلا- أن تتأخر دقيقتين عن موعد عملك، فسوف يكون تركيزك على الاستيقاظ مبكرًا حتى تقضي على فجوة الوقت.
ونلاحظ أن شركة تويوتا تتعمد إخراج شخص من العملية حتى تجبر باقي الفريق على أداء كايزن وإجراء التحسينات اللازمة.

 

* إجراء التحسينات
وفي تلك الخطوة ينبغي البحث عن عناصر العمل التي تحتاج إلى إضفاء بعض التحسينات عليها، ويمكنك طرح التساؤلات التالية في كل خطوة:
– ما هو الهدف منها؟

– ما أهميتها؟

– في أي جانب ينبغي القيام بها؟

– متى يجب تنفيذها؟

– مَن لديه القدرة على القيام بها؟

وبذلك تكون قد استطعت التوصل إلى العناصر التي يجب حذفها أو إعادة ترتيبها، فوفقا للمثال السابق والتأخير عن موعد العمل ستكون قد توصلت إلى أن تحضير الملابس من الليلة السابقة سيوفر لك الوقت، وأن عمل القهوة أثناء ارتداء الملابس فيوفر لك دقائق عديدة كل ذلك يجعل الأمر سهلا وبسيطا دون أي تأخر عن العمل.

 

* عمل تصميم للعملية الجديدة
والآن سيبدأ اختبار التسلسل الجديد وهو أفضل من إجراء المناقشات، ويمكن عمل بعض التجارب الصغيرة لمعرفة مدى نجاح إجراءات العمل القياسي، وإذا تيقنت من النجاح تستطيع الانتقال إلى الخطوة التالية، بشرط الاختبار والحصول على موافقة الأطراف المعنية، وبعد عمل مخطط Spaghetti سوف تقيس النتائج وتجد مدى التحسن الذي أحدثته.

 

* توحيد العمل
ينبغي جعل الطريقة الجديدة كمعيار أساسي لتعليم الأفراد كيفية تطبيقها، ويمكن تحسين وتطوير العمل من خلال Training Within Industry وهو برنامج تدريبي.

 

  • انتبه! الأمر لن ينتهي بوضع معيار جديد، سوف تحتاج إلى مواصلة العمل والسعي لتحسين وتطوير هذا المعيار.

 

في معهد إدارة التصنيع الرشيق تقوم إيفلين مساعد المكتب لدينا على إقامة حلقة لمدة ساعة من كل أسبوع لإعادة التفكير في جوانب المعيار وما الذي يمكن تحسينه حول تسجيل الأشخاص في ورش العمل لدينا، وهنا يبدأ تطوير المعيار من خلال معرفة المشكلة فمثلا ينبغي أن تصل الكتب للأعضاء المشتركين حتى يمكنهم الاستفادة التامة.

وينبغي معرفة جميع الخطوات التي ينبغي القيام بها من أجل تحديث المعيار، فقامت إيفلين بطباعة ملصقات بعناوين الكتب من أجل تسليمها على دفعات بدلا من واحدة تلو الأخرى عند وصول الطلبات، وهذا يرشدنا إلى أهمية وجود طابعة داخل مكتب إيفلين من أجل التحكم في العمل بسهولة والحد من هدر الوقت عند الذهاب للطباعة خارج مكتبها.

 

يمكننا الآن تقديم بعض النصائح حول إجراءات العمل القياسي

* في البداية ينبغي اختيار عملية أو مهمة صغيرة من أجل تطبيق إجراءات العمل القياسي عليها بسهولة.

* الفهم الصحيح والواضح للمشكلة من خلال المراقبة نحو 10 مرات.

* لا ينبغي القيام بتوحيد العمل من أجل التوحيد فقط فلابد من وجود هدف.

* لابد من الاهتمام بكل الأشياء حتى لو كانت صغيرة لأنه من الممكن أن تسبب مشكلات وأزمات كبيرة في موضع آخر من العملية.

* استخدام إجراءات العمل القياسي تكون فعالة عندما يكون لديك موظفين جدد أو مؤقتين، فالتدريب سيتطلب يومًا، والعديد من الشركات تقوم باختبار الأشخاص للتأكد من مدى تذكرهم للمعيار بعد عودتهم من العطلة وبذلك يمكنها إعادة تدريبهم في حالة عدم التذكر الكامل.

* ينبغي منح العاملين الحرية للعمل الإبداعي والتأكيد على أنهم لن يتعرضوا للانتقاد لما يفعلونه.

* العمل وفق معايير محددة يساعد على تحسين الأعمال داخل المؤسسات، ويحث على التفاعل والعمل الجماعي ويسهم في الارتقاء بالمؤسسات ونموها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *