الكثير منّا يرغب في تحقيق إنجازات كثيرة على المستوي المهني والشخصي، ولا يريد الاعتماد -فقط- على الموهبة التي خُلق بها، فالكثير يريد تطوير عقله وتنمية مهاراته واكتساب خبرات ومعارف جديدة، والتكيف مع التقنيات الحديثة التي يتم اكتشافها كل يوم، بالإضافة إلى تحليل التجارب السابقة ودراسة الأخطاء لعدم تكرارها مرة أخرى، كل ذلك يدل على ما يسمى بـ تطوير عقلية النمو.
وعقلية النمو هو مصطلح تم تطويره من قبل عالمة النفس كارول دويك، ويعني اكتساب المهارات والخبرات اللازمة من خلال التعلم المستمر.
وأصحاب تلك العقلية يرغبون في الاستفادة من خبرات الآخرين، والمبادرة لتعلم مهارات جديدة تمكنهم من الارتقاء في أعمالهم وتطوير عقليتهم.
عقلية النمو والعقلية الثابتة
ونرى عقلية أخرى تناقض عقلية النمو وهي العقلية الثابتة التي ترى أن المهارات والقدرات مواهب ثابتة وراسخة لا يمكن تغييرها أو تطويرها.
وعند مقارنة شخصين لكل منهم عقلية مختلفة عن الأخرى؛ فصاحب العقلية الثابتة عندما تواجهه مسألة في الرياضيات يستسلم ويقول إنه شخص ضعيف في هذا المجال ولا يحاول حل هذه المسألة، أما الشخص صاحب عقلية النمو فإن يحاول البحث عن حلول لتلك المسألة ويتحدى نفسه لإيجاد الحل الصحيح.
ومن أهم ما رأيته في أصحاب عقلية النمو أنهم يستثمرون الأزمات ويتجاوبون مع المشكلات بشكل إيجابي وينتظرون إلى المصاعب على أنها فرص للنمو والارتقاء، على عكس الأشخاص أصحاب العقلية الثابتة الذين يصابون بالخوف والقلق والاضطراب عند مواجهة أي مشكلة بل وربما يستسلمون للآثار السلبية التي تخلفها تلك المشكلة.
لقد لاحظنا هذا الفرق الكبير بين العقليتين خلال جائحة كورنا، فبعض الأشخاص استسلموا واكتفوا بممارسة عملهم عن بعد، أما البعض الآخر أخذ يعمل ويطور من نفسه عن طريق أخذ دورات تدريبية متنوعة في أوقات الفراغ واستغل كل ساعة للارتقاء بنفسه ومهاراته وهو داخل منزله.
فوائد عقلية النمو
* أصحاب هذه العقلية وخاصة عندما يكونوا شركاء في التجارة لديهم استقلالية كافية ولا يعتمدون على مساعدات الآخرين، فهم يمنحوا لأنفسهم مساحات من الحرية للإبداع في أداء اعمالهم.
* يعتبر أصحاب عقلية النمو قادة مثاليين يمكن الاعتماد عليهم لتحقيق الأهداف في كافة المجالات، ونجد الأشخاص المشاهير ترجع شهرتهم سواء في المجال السياسي أو الأدبي أو في عالم المال والأعمال إلى أنهم أصحاب عقلية النمو يسارعون إلى التطوير وتنمية ذاتهم.
لذلك نرى هذه الشخصيات تحفز متابعيها ومعجبيها من أجل اتباع طرق التفكير الصحيح، والارتقاء بأنفسهم من أجل التحليق في آفاق رحبة من التألق والإبداع.
كيفية تطوير عقلية النمو؟
في البداية إن لم تستطع أن تحقق ما ترغب فيه، ينبغي عليك أن تتبع طرق تفكير مختلفة، وتتحلى بالجرأة والمغامرة المحسوبة، حاول ألا تخشى التحديات أو الصعوبات، الفشل لا يعني النهاية فهو أول طريق النجاح وإحراز التقدم.
أصحاب الأعمال والشركات لابد وأن يسهموا -بشكل أساسي- في تطوير موظفيهم وتنميتهم من خلال توفير الدورات التدريبية التي تمكنهم من اكتساب مهارات ومعارف جديدة.
هناك خطوات ينبغي اتباعها من أجل تطوير عقلية النمو وهي:
أولًا: التعامل مع التحديات والصعوبات بشجاعة، ينبغي عليك أن ترى المشكلة وكأنها فرصة لابد من استغلالها كي تصل إلى ما ترغب فيه.
ومن أجل التعرف على أشخاص جدد واكتساب مهارات متنوعة والتغلب على الصعوبات، ينبغي أن تتمتع بمجموعة مختلفة من الاستراتيجيات التي تمكنك من تحقيق أهدافك.
ثانيًا: ينبغي عليك أن تدرك نقاط ضعفك ولا تهملها، بل حاول تحويلها لنقاط قوة تمكنك من إنجاز مهامك باحترافية وكفاءة، وعيك بذاتك يمنحك القدرة على إلهام نفسك وإرشادها لكل أمر جيد.
ثالثًا: لا يجب أن تكون أسيرًا لموافقات الآخرين، ولا تطور نفسك حتى يؤذن لك، بادر أنت بالتطوير واكتساب مهارات جديدة، كل شخص يعرف نفسه جيدًا ويؤمن بمهاراته وقدراته فلا يمكن أن ينتظر الآخرين ليمنحوه الفرص.
رابعًا: لا يمكن الاكتفاء بامتلاك عقلية النمو لأنه ينبغي أن يكون لك موقفًا إيجابيًا تجاه ذلك، فعليك تنمية مهاراتك وتطوير إمكاناتك ولا تكتفي بما لديك من مواهب أو قدرات فطرية.
خامسًا: ينبغي أن تتقبل النقد البناء لأن النقد لا يعني أنك سيء وإنما هو فرصة لمعرفة الجوانب التي تحتاج إلى تطويرها وتنميتها، ونقاط الضعف التي ينبغي تحسينها وتحويلها إلى نقاط قوة، فالنقد البنّاء فرصة لبناء النفس والارتقاء بها.
سادسًا: يجب عليك أن يكون لديك شغف ومتعة بعملية التعلم واكتساب المهارات، فلا تستعجل للحصول على النتيجة لأن المتعة في حد ذاتها تسهم في جعل النتائج أكثر إيجابية.