المؤسسة الرشيقة -ببساطة- تعني استجابة المؤسسة بصورة سريعة لأي تغييرات تحدث في بيئة العمل، والتأقلم مع التقنيات الحديثة بسهولة.
وبسبب التغيرات المتعددة والسريعة في المنافسة والتطور التقني الهائل وما يحققه من نتائج إيجابية، فأصبح إلزامًا على المؤسسات أن يكون لديها المرونة الكافية للتكيف مع كل جديد.
لكن وفقًا لاستطلاع أجرته ماكنزي شركة الاستشارات الإدارية الأمريكية فإن المرونة التنظيمية أصبح من الصعب تحقيقها لدي العديد من الأفراد، والمرونة التنظيمية هي قدرة المؤسسة على إعادة تشكيل الاستراتيجيات والأفراد والمهام من أجل خلق قيمة وزيادة الفرص في المستقبل.
وقد أوضح هذا الاستطلاع أن هناك عددًا من الشركات لم تستطع تطبيق طرق العمل الرشيقة بشكل كامل، برغم تعدد المزايا الواضحة.
كما أفاد المشاركون في الاستطلاع أن الشركات وخاصة في بيئات العمل الأكثر تقلبًا وعدم استقرار سوف تسعى لتحقيق تحولات مرنة.
ونجد عددًا قليلًا من المؤسسات التي تجني ثمار التحولات المرنة، كما تشير النتائج إلى مدى أهمية المرونة كأولوية استراتيجية داخل المؤسسة في إجراء المهام وتحويلها لتصبح أكثر مرونة.
زيادة المرونة التنظيمية
نلاحظ أن المشاركين في الاستطلاع على اتفاق بتغير العالم من حولهم سريعًا، وبما أن بيئات العمل تزداد تقلبًا وتعقيدًا فلابد من بدء المؤسسات في اتخاذ خطوات نحو تحقيق المرونة هذا على حد قول ثلث المشاركين.
وقد قال بعض المشاركين في الاستطلاع إن التحولات المرنة على مستوى الشركة يتم تنفيذها في الوقت الحالي، أما بسؤال المشاركين في الاستطلاع عن المهام التي يتم فيها تطبيق أساليب العمل المرنة، جاءت إجابتهم عن المهام الأقرب إلى العملاء كالابتكار والمبيعات والخدمات وإدارة المنتجات، وهذا بالطبع شائع ثم يليه الإنتاجية ومشاركة الموظفين، بالإضافة إلى أن التحولات المرنة لأساليب العمل يتم تطبيقها على إدارة سلسة التوريد (SCM) وإدارة المواهب.
ويمكننا القول وفقًا للنتائج إن الشركات لديها تطلعات أعلى للمرونة، فالمزيد من التحولات آتية لا محالة، فقد أفاد المشاركون عن رغبتهم في توسيع نطاق طرق العمل المرنة في قطاعات الاتصالات والطاقة الكهربائية والغاز الطبيعي، وأيضًا في العديد من الصناعات الأخرى كالإعلام والترفيه، والقطاع العام، والنفط والغاز، والأدوية، والصناعات المتقدمة.
ونلاحظ أنه كي تكون المؤسسات أكثر مرونة لابد وأن تتمتع بالاستقرار والديناميكية (هي قدرة المنظمة على إعادة تشكيل الكفاءات الداخلية والخارجية لمواجهة التغير السريع في بيئة الأعمال)، فالممارسات الديناميكية تمكن المؤسسات من الاستجابة سريعًا للتحديات والفرص، أما الاستقرار يساعد على رفع الكفاءة.
وأشار الاستطلاع إلى نحو ثماني عشر ممارسة من أجل تطبيق المرونة التنظيمية بنجاح، من أهمها الاستراتيجية من خلال وضع رؤية مشتركة وهدف أساسي وهو شعور العاملين بأنهم منخرطون في العمل بكل عواطفهم وإمكاناتهم ومهاراتهم الوظيفية حتى يمكن تحسين وتطوير الأعمال.
بالإضافة إلى أربع ممارسات أخرى مستقرة تتعلق بالمهمة والأشخاص: الدافع الريادي، القيادة المشتركة والخدمية، وطرق العمل الموحدة، والمجتمع المتماسك.
ومن بين الممارسات الديناميكية، تعد المهمة ووضوح المعلومات أساسًا قويًا في جعل المؤسسات تتميز بالرشاقة.
الطريق نحو المرونة يعتمد على البداية
تعتمد الممارسات المحددة التي يجب أن تركز عليها المؤسسة كي تصبح رشيقة على ما إذا كانت بيروقراطية أو ناشئة أو محاصرة.
الوحدات البيروقراطية
وهي تتميز بالموثوقية وطرق العمل القياسية والبعد عن المخاطر والكفاءة، ومن أجل تجاوز المعايير التي تبطئ من تحركها سريعًا ينبغي تطوير ممارستها الديناميكية خاصة تلك الممارسات التي تتعلق بالأشخاص والمهام والهيكل.
ونجد الفجوة بين الوحدات البيروقراطية والوحدات الرشيقة في قدرتها على طرح التقنيات والأنظمة والأدوات المناسبة التي تدعم طرق العمل الرشيقة، وفي الوقت نفسه فالوحدات البيروقراطية لديها -أيضًا- مجال لتحسين بعض الممارسات المستقرة.
ونرى في الوحدات الرشيقة أن العاملين يتفاعلون مع بعضهم البعض بصورة مستمرة حول نتائج الأعمال، بالإضافة إلى مثالية القادة وقدرتهم على تبني القيادة المشتركة والحكيمة عن طريق تحفيز الفريق والاستثمار في تطويره.
والشائع لدى تلك الوحدات أنها تقوم بإنشاء فرق صغيرة مسؤولة بالكامل عن إكمال مهمة محددة.
الوحدات الناشئة
وتعتبر ذات استقرار أقل وتتميز بالإبداعية ولديها القدرة على النمو والازدهار، لكن تفتقر -نوعًا ما- إلى الانضباط والتنفيذ بمنهجية محددة، لذا فهي بحاجة إلى تطوير جميع ممارستها المستقرة وتوسيع نطاق استخدامها للممارسات الديناميكية.
ووفقا للمشاركين في الاستطلاع فإن الوحدات الرشيقة تتفوق أكثر من الوحدات الناشئة في شفافية المعلومات، أما الوحدات الناشئة فهي أبعد عن الرشيقة في تخصيص الموارد المرنة.
الوحدات المحاصرة
وترتبط هذه الوحدات -غالبًا- بمكافحة الحرائق والسياسة ونقص التنسيق وحماية القبائل المحلية، ونجدها تفتقر إلى الاستقرار والقدرات الديناميكية.
بعد الحصول على نتائج الاستطلاع فهناك بعض المبادئ التي ينبغي على المدراء التنفيذين العمل بها داخل المؤسسة عند بدء تطبيق التحولات الرشيقة وهذه المبادئ هي:
* ينبغي على المؤسسات أن تقوم بتأهيل موظفيها وتحفيزهم وخلق روح التعاون والعمل الجماعي بينهم من أجل قبول التغيير دون أي مقاومة، ونجاح التحولات الرشيقة يتوقف على عدة إجراءات وهي:
– اتفاق القادة وفرق العمل على الأنظمة والأساليب التي تمكنهم من التحول بسهولة.
– يجب على القادة أن يكونوا قدوة وأهل لهذا التغيير حتى يحفزوا جميع العاملين على تحمل المسئولية.
– لابد من تنمية مهارات العاملين وتطويرهم قدراتهم من أجل تحقيق النجاح عند البدء في التحول الرشيق.
-ينبغي وضع آليات رسمية لتعزيز التغييرات وتحفيز العاملين على الإبداع والابتكار.
* تؤكد نتائج الاستطلاع على أهمية وجود رؤية وهدف مشترك، لأنها تسهم بشكل كبير في توافق العاملين وجعلهم على استعداد كافي لبدء التحول الرشيق، كما تضمن نجاحه والتكيف معه سريعًا وبسلاسة.
* ينبغي على المؤسسات التي ترغب في تحول رشيق أن تقوم بإعداد خطة فعالة وقوية تشتمل على جميع خطوات التحول وطرق التعامل مع التجاوزات والمخاطر، فوجود خطة فعالة يسهم في نجاح التحول الرشيق ويعمل على تحفيز العاملين لتحقيق الأهداف المرجوة.