يُعد التصنيع الخلوي إحدى طرق الإدارة الرشيقة المرنة والتصنيع الخالي من الهدر، فهو يقوم على ترتيب خطوات العمل الإنتاجية من خلال إعداد تسلسل بسيط يساعد على تدفق المواد بسهولة وسلاسة على خط الإنتاج مع الحد من العوامل التي تسبب الهدر كالنقل أو التأخير.
وهذه الطريقة تعتبر تحول رئيسي في عملية الإنتاج بشتى جوانبها لأنها تسهم في زيادة سرعة الإنتاج ومرونته بالإضافة إلى الحد من طلب الأموال.
ويهدف التصنيع الخلوي إلى تقديم مجموعات مماثلة من المنتجات أثناء عملية التصنيع بناء على متطلبات العملاء، وبذلك فهو يوفر قدرًا كبيرًا من المرونة في تغيير نوع المنتج أو إضافة بعض التعديلات أو الميزات التي يحتاجها العملاء، فهذا النهج المميز يساعد على الحد من الوقت المستغرق للعمل على منتج واحد خلال العملية بأكملها.
كما يعتبر التصنيع الخلوي طريقة فعالة لخفض تكاليف المنتج مع تحسين فترات الإنتاج والجودة.
ونلاحظ أن التصنيع الخلوي يقوم على نظام الخلايا وهي عبارة عن مجموعة الآلات المستخدمة لتصنيع منتج معين دون هدر، وهذا التصنيع القائم على الخلية يساعد على تقليل وقت الدورة وأوقات التبديل والتغيير.
ولذلك فينبغي على المؤسسات أن تسعى لاستخدام الآلات الصغيرة المرنة حتى تلائم الخلايا بطريقة جيدة وفعالة فينتقل المنتج من الخلية إلى التي تليها بسلاسة وبالتالي تقل الخطوات غير اللازمة في عملية الإنتاج ويمكن التوصل إلى الأخطاء أو المشكلات بسهولة.
وبالتحول إلى التصنيع الخلوي يركز العاملون على متابعة آلات متعددة وتغذيتها بالأجزاء التي تحتاج إليها لاكتمال الإنتاج، وباستخدام تقنية التصنيع الخلوي تتمكن المؤسسات من زيادة طاقتها الإنتاجية أو خفضها من خلال إضافة أو إزالة خلايا الإنتاج.
الأسلوب المتبع للتنفيذ
الطريقة التقليدية في التصنيع من خلال إنتاج دفعات عديدة والبقاء على قائمة الانتظار حتى يتم طلب المنتجات لم تعد فعالة وتسبب هدرًا للأموال والوقت والجهد.
ونجد أن التصنيع الخلوي يتطلب نقلة نوعية لأنه يحث على اتباع أساليب مختلفة في التصنيع هذه الأساليب تعتمد على إنتاج قطعة واحدة (one-piece flow, pull production)، فنظام إنتاج الدفعات يؤدي إلى وجود مخزون في كثير من الأحيان وهو أحد مصادر الهدر المعروفة والتي تخالف التصنيع الرشيق، كما يتطلب استخدام آلات كبيرة وكميات إنتاج كبيرة أيضًا وإجراءات طويلة ومرهقة.
وهذا النظام (التصنيع الخلوي) يعتمد على إنتاج المنتجات وفقًا لمتطلبات العملاء المحتملة، حتى لا يكون هناك تأخير بسبب انتظار إنتاج الدفعات.
ونلاحظ أن نظام التصنيع التقليدي غير فعال ويكمن السبب في وجود عمل قيد التنفيذ وهو يكلف المؤسسة الكثير مقابل نقله وتخزينه وشغله مساحة في أرضية المصنع، حتى يتسلمه العميل في النهاية.
أهم الخطوات المتبعة للتحول إلى نظام التصنيع الخلوي
* الخطوة الأولى: الفهم الواضح للوضع الراهن
في هذه الخطوة لابد من فهم منطقة العمل وتقييمها من خلال الإلمام بالبيانات حول المنتج وذلك عن طريق استخدام تحليل PQ (نوع وكمية المنتج)، ثم العمل على توثيق الخطة التي تم وضعها للتحول لهذا النوع من التصنيع، والمهمة الثانية في تلك الخطوة هي قياس عناصر الوقت والتي تتمثل في وقت الدور، المهلة المطلوبة لنقل العمل قيد التنفيذ، و takt time، ويتم تسجيل عناصر الوقت لمعرفة الفرق بين الوقت المستغرق في أداء المهام بالطريقة اليدوية وعن طريق الآلات وبذلك يمكن قياس الأداء في ظل التدفق الخلوي.
ومن أجل نجاح التحول للتصنيع الخلوي ينبغي إجراء تقييم للآلات والمعدات المستخدمة لمعرفة مدى قدرتها على التكيف وذلك عن طريق تجربة خلية تصنيع واحدة.
* الخطوة الثانية: التخطيط وفقًا لعملية الإنتاج
يعمل التصنيع الخلوي على توفير تدفق سلس طوال عملية الإنتاج مع الحد من التوقفات المتكررة والحركات الزائدة، فخلال هذه الخطوة ينبغي إعادة ترتيب عناصر وأجزاء العملية، وعادة ما نجد أن الآلات يتم وضعها في شكل U أو C لتقليل حركة المشغل فتكون قريبة من بعضها حتى يتم التحرك بأسرع ما يمكن.
ويمكن تحقيق الإنتاج الفعال من خلال التصنيع الخلوي من خلال عدة تقنيات، فمثلا سرعة تغيير الأدوات (SMED) توفر لك وقتًا طويلا وتسهم في تسريع التبديل بين الأدوات، وبالتالي نرى أنه بإمكان خلية واحدة ومجموعة أدوات أن تنتج منتجات متنوعة دون الحاجة إلى تغيير المعدات واستهلاك الوقت الطويل، وبذلك تتمكن المؤسسة من الاستجابة سريعًا لمتطلبات العملاء المتغيرة.
وهناك مصطلح يطلق عليه Autonomation ويعني الأتمتة بمعنى نقل الذكاء البشرى إلى الآلات والمعدات من خلال إعداد بعض الخوارزميات التي تمكن الآلات من اكتشاف الأخطاء أو عيوب المنتج وبالتالي تتوقف الآلات سريعًا من تلقاء نفسها، وهذا المفهوم يطلق عليه البعض “الأتمتة بلمسة بشرية”، وقد ابتكره ساكيشي تويودا في أوائل القرن العشرين عندما اخترع عدة أجهزة للنسيج وكان أهمها آلة النسيج الآلي وأهم ما ميّز تلك الآلة هو توقفها الذاتي أو التلقائي عن العمل عند حدوث مشكلة دون المخاطرة بإنتاج كميات هائلة من القماش المعيب.
وتتضمن تلك الخطوة أيضًا وجود معدات صغيرة أو استبدال المعدات الكبيرة بمعدات أخرى أصغر حتى يسهل تحركها فلا تحتاج المنتجات الصغيرة أن يتم إنتاجها من خلال آلات ضخمة الحجم، وبعد نقل المعدات والتأكد من إمكانات التغيير السريع، تقوم المؤسسات -عادةً- بتوثيق إجراءات الخطة الجديدة وتدريب العاملين لإشراكهم في عملية الإنتاج بالنظام الخلوي.
الخطوة الثالثة: مواصلة التحسين
وبعد العمل بتقنية التصنيع الخلوي لتحقيق التصنيع الخالي من الهدر، ينبغي على المؤسسات دمج منهجيات مثل كايزن وستة سيجما داخل عمليات الإنتاج من أجل مواصلة التحسين والتطور للأفضل، وتلك المنهجيات فعالة وأساسية تسهم في الحد من وقوع خسائر متعلقة بالمعدات نتيجة التوقفات المتكررة لوجود أخطاء أو عيوب، وبالتالي يمكن تحقيق أعلى مستوى من الأداء والحصول على منتجات ذات جودة.
النتائج الإيجابية والسلبية للتصنيع الخلوي
* الفوائد المحتملة
يساعد التصنيع الخلوي في القضاء على الإفراط في الإنتاج وهذا الإفراط له تأثير على بيئة العمل فهو يزيد من عدد المنتجات غير المهمة والتي ينبغي التخلص منها، وجود زيادة في المواد الخام المستخدمة في الإنتاج، ارتفاع المخاطر الناتجة من زيادة كمية الطاقة والمواد المنبعثة الخطيرة والمخلفات الناتجة عن معالجة مخرجات غير ضرورية.
ويسهم التصنيع الخلوي أيضًا في الحد من وجود فاقد من خلال تقليل العيوب والأخطاء الناتجة عن المعالجة وتغيير المنتج، فالمنتجات تتحرك وتسير عبر خلية واحدة وهذا الأمر يسهل تحديد العيوب والقضاء عليها سريعًا.
كما يساعد التحكم الآلي في الحد من وجود أخطاء والقضاء على الأشياء المهدرة بإرسال إشارات لمكانها، على عكس التصنيع التقليدي بنظام الدفعات الذي لا يتم اكتشاف العيوب إلا بعد إنتاج الدفعة كاملة.
يحتاج التصنيع الخلوي إلى مساحة أرضية أقل، فالمساحات المربعة الصغيرة تسهم في توفير الطاقة ومكيفات الهواء والإضاءة، كما يمكن اكتشاف المواد المهدرة بسهولة والحفاظ على نظافة المكان والقدرة على الصيانة المستمرة للمعدات تجنبًا لحدوث تلوث أو وقوع حوادث.
* القصور والعيوب المحتملة
يحتاج التصنيع الخلوي إلى الاستثمار في معدات جديدة والتخلص من المعدات القديمة المستخدمة في إنتاج الدفعات، وهذا يتطلب إعداد المؤسسة لميزانية لتحقيق ذلك.
التحول للتصنيع الخلوي يصحبه -عادة- تحولًا لإدارة المواد الكيميائية والمواد الخطيرة المنبعثة، ففي حالة عدم التحكم بطريقة فعالة وصحيحة في تلك المواد فسوف تتأثر بيئة العمل بشكل سلبي لفقدانها معايير الأمن والسلامة والصحة.