نجد أن رجال الأعمال وأصحاب المشاريع هم أكثر الناس عملًا واجتهادًا، ولديهم العديد من المسئوليات والأولويات في مجال عملهم وعلى الجانب الشخصي -أيضًا- لديهم متطلبات كثيرة.
فهم يحاولون -دومًا- السعي لتلبية المتطلبات والعمل على الالتزام بإنجاز جميع المسئوليات، ومواجهة العقبات التي تقف في طريق نجاحهم، لكن قد يكون لديهم سلوكيات يمكن أن تدمر عملهم وتوقف مسيرتهم نحو النجاح مثل التخريب الذاتي.
التخريب الذاتي هو أحد السلوكيات السلبية والسيئة التي تجعلك تُقبل على تدمير نفسك جسديًا أو عقليًا أو عاطفيًا، وتقف عائقًا أمام تحقيق رغباتك وأهداف وتراها لا تستحق كي تسعى لتحقيقها، وهذا السلوك ينبع من عقلية سلبية لابد من علاجها، فالتفكير بالشكل الصحيح يجعلك تسهم في حماية نفسك من أي تدمير أو تخريب.
ومن الأمثلة المتكررة التي توضح هذه العقلية، حين يتم عقد اجتماع بين المديرين لمناقشة أحد المشاريع المهمة التي ينبغي الإعداد لها، فيبادر أحد هؤلاء المديرين ويقول: “لا نستطيع فعل هذا” وتعبر هذه الجملة عن مدى السلبية التي تعانيها تلك العقلية، والتي يمكنها أن تقف حائلًا أمام أي إبداع أو أفكار جديدة ومميزة.
ونجد أن هناك تخريب واعي للذات ويكون من خلال الإدراك الكامل لما تفعله في نفسك وما تسبب لها من إيذاء، فمثلا قد نصحك الطبيب بإنقاص وزنك حفاظًا على صحتك، وأصبح هدفك إنقاص 15 كيلو من وزنك في عشرة أيام، لكنك قمت بتناول الكثير من الأطعمة التي لا تساعد في إنقاص الوزن، فأنت تدرك تمامًا ما تفعله في نفسك وما ينتج عنه.
أما تخريب الذات بلا وعي فيكون -مثلا- من خلال المماطلة في بدء مشروع كبير، وأنت تعلم بمدى أهمية ذلك المشروع وأنه ينبغي عليك القيام به، لكن تؤجل لأي سبب دون أن تدرك وتعي نتيجة هذا التأجيل على تخريب مجهوداتك ونفسك.
وهناك عدة طرق شائعة للتخريب الذاتي لدى رجال الأعمال وهي:
أولًا: الكمال
الاعتقاد بالوصول للكمال في الأشياء التي ينبغي عليك القيام بها هو اعتقاد خاطئ، فمن الأقوال المأثورة ” لا تدع الكمال يكون عدوًا للخير”، فالتخريب الذاتي يكون من خلال سعيك الدائم للكمال، والذي لا تصل إليه فترى نفسك مقصرًا وفاشلا ولا تستحق أن تعمل وتجتهد وبالتالي لا تحرز أي تقدم ولا تحقق أهدافك.
لذا ينبغي على كل صاحب شركة أن يكون على استعداد للتراجع والتغيير والعمل بعقلية إيجابية منتجة، فلا يركز على تفاصيل المهام لتحقيقها والوصول بها إلى الكمال.
فمثلا عند نقاش أحد العاملين في شركة ما مع مديره وبسؤال مديره له كيف تتم تلك العملية بشكل صحيح فكانت إجابته بكل ثقة: “نحن بحاجة إلى مشاركة بنسبة 100% ومعدل نجاح بنسبة 100٪ في هذا القياس بالذات”، فقال له المدير إن هذا طريق الفشل فلا يمكن أن تتم الأمور وتتحقق بالكمال.
ثانيًا: متلازمة المحتال
وهي شعور الشخص أنه غير مؤهل للقيام بعمل ما، فهو يرى نفسه ذا كفاءة أقل وهذا في الواقع غير صحيح، وتُعد متلازمة المحتال من أكثر الطرق التي تؤدي إلى التخريب الذاتي، فالشخص يتملكه الخوف -دومًا- من اكتشاف الآخرين له ولقلة كفاءته وعدم مقدرته على النجاح، لكن لا يعلم أن الجميع منشغل مع نفسه وفي شكوكه حول ذاته ولا يلتف إليه أحد.
ومن أفضل الطرق التي يمكنك من خلالها القضاء على هذه المتلازمة، أن تقوم بالاحتفال بما تحققه من إجازات صغيرة، هذا يجعلك تنحي الجوانب السلبية جانبًا ولا تركز عليها.
ثالثًا: الإدارة الجزئية
وتسمى أيضًا الإدارة الدقيقة أو التفصيلية وهي أن يقوم أصحاب العمل أو المديرون بالمتابعة الدقيقة لكل ما يخص المهام التي يقوم بها العاملين، والتركيز على تفاصيل الأعمال وهذا يخلق نوعًا من التخريب الذاتي لأن الفرد ليس لديه علم بجميع المهام التي يؤديها العاملين، لذا لا بد من القيام بأمرين:
* العمل على توظيف مهاراتك وخبراتك في المجال المناسب لها، وتعيين فريق أو شخص خبير في التعامل مع تلك المهام ومتابعة الأعمال.
* التخلي عن بعض المهام التي تتطلب مهارات عالية أنت تفتقدها والعمل فيما هو مناسب لقدراتك حتى تكون راضيًا وسعيدًا بأداء عملك.
رابعًا: عدم استمرار التعلم
في عالم الأعمال وفي جميع المجالات نقابل الكثير من التحديات، وتتصاعد وتيرة النمو والتقدم في التكنولوجيا وغيرها، وهذا يلزمه تعلم مستمر دون توقف حتى يمكننا مواكبة كل جديد والتكيف مع أي مستجدات.
إذا كنت لا تنمي مهاراتك ولا تحضر مؤتمرات تزيدك خبرة ومعرفة، ولا تشارك في ندوات تثقيفية أو محاضرات تعليمية فاعلم جيدًا أنك تسهم -بشكل مباشر- في تخريب ذاتك وتدمير نفسك والقضاء على مستقبلك المهني.
خامسًا: ضربة الحظ
قد يبدو التعبير غريبًا بعض الشيء لكن الكثير من أصحاب الأعمال يتبع هذا النهج في مشاريعهم، حيث يركزون فقط على فرصة واحدة ويسعون للحصول عليها معتقدين أنها هي التي ستفيدهم للغاية وتكون سبب ازدهار أعمالهم.
لكن هم يقومون بتخريب أنفسهم وتدمير مجهوداتهم لأن الفرص حولهم كثيرة وبسبب هذا التركيز على فرصة واحدة تضييع العديد من الفرص التي يمكن أن تنمي أعمالهم ويحققوا بها نتائج إيجابية، لذا لابد وأن يكون رجال الأعمال لديهم من العقلانية ما يمكنهم على اتخاذ القرارات الصحيحة واغتنام كل الفرص المناسبة.