في ظل التطورات السريعة والمتلاحقة في عالم المال والأعمال، لا بد وأن تتبنى الشركات ثقافة المرونة والاستعداد للتغيير من أجل مواكبة تلك التطورات والتكيف معها بسهولة.
ونجد أن أجايل Agile عبارة عن منهجية تضم مجموعة من القيم والمبادئ التي تنطبق على دورة حياة أي مشروع بهدف التحسين المستمر ووضع الحلول المناسبة للمشكلات عن طريق العمل الجماعي.
مع النجاح العظيم التي حققته في Big Tech (عمالقة التكنولوجيا وهم ألفابت، أمازون، أبل، ميتا، مايكروسوفت) تجاوزت منهجية Agile مجرد البرمجيات، وحاولت جميع أنواع المؤسسات اعتمادها وهيكلة المشاريع بناء عليها.
تعمل Agile على إدارة المشاريع من خلال تنفيذ الخطة التي يتم فيها تقسيم العمل أو المشروع إلى مراحل أصغر وأسهل في الإدارة من أجل تحقيق نتائج إيجابية بشكل سريع، ويمكن للخطة بذلك أن تتكيف مع أي تغييرات قد تطرأ طوال دورة حياة المشروع، كما تسمح Agile بالتعاون بين أعضاء الفريق مما يؤدي إلى الإبداع والتحسين المستمر للمنتج النهائي.
ووفقا للتقرير السنوي لنبض المهنة الصادر عن شركة فيليب موريس إنترناشونال، فإن 48٪ من الإنجازات لم تنتهِ وفق الجدول الزمني المحدد، بالإضافة إلى فشل حوالي 31٪ من الفرق في تحقيق أهدافها.
لذلك تم الاعتماد على Agile في إدارة المشاريع وهي تقوم على تقسيم المشاريع واسعة النطاق إلى عدة مراحل، تسمى الأقسام التكرارية الصغيرة (سبرينت) وكل قسم في المشروع يتم مراجعته وفحصه من قبل أعضاء الفريق ومعالجة أي مشكلة وبذلك يتم إنجاز المهام بسلاسة طوال دورة حياة المشروع.
وتوجد أنظمة أخرى لإدارة المشاريع مثل منهجية الشلال وهي منهجية تقليدية لتطوير البرمجيات، تقوم على ترتيب المهام بشكل تسلسلي، ويتم تحديد أهداف لكل مرحلة من مراحل التطوير، ويعمل الفريق على تحقيقها بشكل كامل قبل الانتقال إلى المرحلة التالية، ويتم تنفيذ جميع المهام كشلال (تدفق المياه) من البداية حتى نهاية المشروع.
ويعتبر نهج الشلال جيدًا للغاية للمشاريع البسيطة التي تحتوي على متطلبات ثابتة ومعروفة وواضحة، وموارد وفيرة وجدول زمني ثابت، وتكنولوجيا واضحة، على عكس Agile الذي يُعد فعالًا ومناسبًا مع المشاريع الطويلة والمُعقدة التي تتغير متطلباتها باستمرار.
لقد كانت القيم الأساسية محددة لفرق تطوير البرمجيات، لكن أصبحت مناسبة لأي مؤسسة تعمل على تطوير منتجاتها وهذه القيم الأربعة هي:
* إعطاء الأولوية للأفراد وتفاعلهم داخل المنظومة
* منح الأهمية للبرمجيات القابلة للعمل والتشغيل
* العمل على رضا العملاء لأنهم أهم من التفاوض على العقود
* الاستجابة للمتغيرات والتكيف معها بدلا من الالتزام بالخطة المحددة
وهذه القيم تعمل على محو العقبات البيروقراطية وتشجع التعاون.
قامت مجموعة من مطوري البرمجيات بوضع انثي عشرة مبدأ لمنهجية Agile بهدف التحسين المستمر والتكيف سريعًا مع التغييرات وهذه المبادئ هي:
* تحقيق رضا العملاء وذلك من خلال تلبية متطلباتهم وتسليمهم المنتج في الوقت المحدد، والعمل على إجراء أي تغييرات أثناء مرحلة التطوير.
* قبول أي تغيرات والتكيف معها سريعًا لتعزيز التنافس، على عكس المشاريع التقليدية التي لا تسمح بالمرونة والتغيير.
* يتم التسليم تدريجيًا وعلى فترات أقصر حتى يمكن اتخاذ إجراءات تصحيحية من أجل ضمان منتج مميز يرضي العميل.
* تشجيع التعاون بين رجال الأعمال (أصحاب المصلحة) ومطوري البرامج (أعضاء الفريق) للحصول على أفضل النتائج وتجنب الأخطاء المكلفة.
* إعطاء المهام للأفراد الأكثر حماسة واجتهاد حتى يتمكنوا من إحراز التقدم للمشروع وتحقيق جميع الأهداف.
* تحقيق التواصل الفعال بين أعضاء الفريق من أجل تبادل المعلومات والحصول على نتائج إيجابية للمشروع.
* أساس النجاح والتقدم هو تقديم منتج عالي الجودة، فلا يهم كثرة التغييرات الأهم أن المنتج في صورته النهائية يحوز على رضا وإعجاب العميل.
* تحقيق التنمية والارتقاء من خلال اتخاذ إجراءات للتطوير، وعلى الرغم من اعتماد هذه المنهجية على سير عمل سريع ومرن إلا أنها لا تعمل على تحميل العاملين أعباء كثيرة، فتأتي إجراءات التغيير بخطوات ثابتة ويمكن التحكم فيها تجنبًا لشعور العاملين بالتعب والإرهاق.
* الاهتمام بالتطور التقني وتلك المنهجية تسعى لتحقيق التميز والاختلاف.
* الحفاظ على البساطة والسهولة والوضوح لأن العمليات المعقدة يمكن أن تؤدي إلى الإرهاق، لذلك لا بد من اعتماد البساطة حتى يتم التكيف بسهولة مع التغييرات.
* وجود فرق التنظيم الذاتي والتي يتعاون أفرادها في إنجاز المشروع دون الحاجة إلى التوجيه الخارجي، فعند السماح لأعضاء الفريق بالاستقلالية فإنهم يسعون للإبداع وتحقيق أفضل النتائج.
* العمل على تنمية الفريق ورفع كفاءته والحفاظ على سلاسة العمل من خلال المراجعات المنتظمة.
فوائد ومزايا إدارة المشاريع الرشيقة
* القدرة على التنبؤ بالمخاطر والمشكلات في وقت مبكر والعمل على مواجهتها أو الحد من تأثيراتها السلبية.
* القدرة على اتخاذ إجراءات تصحيحية من خلال الحصول على ردود الأفعال حول المشروع.
* الحصول على رضا العملاء من خلال الاعتبار لرأيهم أثناء التطوير، وتقديم منتج نهائي فريد ومميز.
* رفع مستوى الإنتاجية عن طريق ترسيخ ثقافة التعاون وتبادل الخبرات ومنحهم حرية للإبداع والابتكار.
يعد كل من سكرم وكانبان من إطارات العمل وفقاً لمنهجية تطوير البرمجيات أجايل وهما الأكثر شيوعًا:
* سكرم Scrum
وفقًا لتلك المنهجية يتم انعقاد اجتماعات أو مناقشات بشكل دوري منتظم لمتابعة سير العمل، ومواجهة أعضاء الفريق لأي صعوبات، وأثناء مرحلة التطوير يتم إزالة العقبات ووضع حلول مناسبة لأي مشكلة.
والآن بعد أن أصبح العديد من الأشخاص يعملون عن بعد، فإن المواقف اليومية والاجتماعات السريعة هي أيضًا وسيلة للتواصل كفريق واحد.
يعتمد سكرم على تقسيم مراحل العمل إلى مهام صغيرة وفترات زمنية قصيرة تسمى (Sprints) بحيث يتم التخطيط ثم العمل على تنفيذ الخطة وبعد ذلك تأتي مرحلة الاختبار وفي النهاية يتم عقد اجتماع لمراجعة المنتج مما يعطي الفريق مجالا للتعلم من الأخطاء، وإجراء تعديلات إن تطلب الأمر ومحاولة تلبية جميع متطلبات العميل، وبالتالي تكون المنتجات في صورتها النهائية ذات جودة عالية.
نلاحظ أنه قد يؤثر استقلال الفريق على جودة المنتج، لعدم خبرتهم الكافية بتلك العملية.
* كانبان Kanban
تقوم حوالي 43% من الشركات باستخدام هذه المنهجية في إعداد منتجاتها، وهي عبارة عن وسيلة مرئية لإدارة المشاريع تكون في شكل لوحة أو ملصق وفيها يتم تقسيم المهام إلى أنواع ثلاث: المهام المطلوب إنجازها، والمهام الجاري العمل عليها، والمهام التي تم الانتهاء منها.
وتعد كانبان نهجًا فعالًا يعمل على تتبع العمل منذ البداية وحتى إنجازه كما تسهم في جعل أعضاء الفريق على اطلاع دائم بما حققوه من أهداف مما يؤدي إلى الحد من أعباء العمل ويزيد إنتاجيتهم ويجعلهم أكثر كفاءة واحترافية والصعود بالمشروع إلى قمة النجاح والتميز.
وعلى الرغم من كفاءة هذه المنهجية في العمل، لكن ينبغي الحذر عند اعتمادها لأنه لابد وأن تنعكس التغييرات على اللوحة وفي حالة عدم ظهور أي تغييرات على اللوحة يؤدي الأمر إلى حدوث خلل.
وتؤكد هذه المنهجية على رؤية واضحة للمشروع، فإن لم تكن مراحل العمل ملتزمة بإطار زمني محدد فسوف يحدث تعقيدات في الجدول الزمني لأعضاء الفريق.
من أجل إدارة مشاريع رشيقة وتحقيق أسهل الطرق وأكثرها مرونة لإنجاز المهام الصعبة ينبغي على المؤسسات اتباع الخطوات التالية:
* ينبغي على المؤسسات عند اعتماد منهجية جديدة إعداد قائمة بالأهداف المراد تحقيقها، والعمل على كيفية تحقيق تلك الأهداف بكفاءة بواسطة الإدارة الرشيقة.
* بعد وضع الأهداف يجب وجود أسس للنمو والارتقاء من خلال معرفة متطلبات العملاء وما يحتاجون إليه في المنتج، بالإضافة إلى تحديد جدول زمني مناسب.
* لابد وأن يعمل أعضاء الفريق مع المدراء على إنجاز المراحل والتأكد من نجاح كل مرحلة.
* ينبغي على المؤسسة التماس الدعم من أصحاب المصلحة والأخذ بآرائهم، كما يجب عليها متابعة التقدم الذي حققته ومواصلة العمل بنفس الكفاءة والتميز.
وبذلك لابد وأن تتطلع كل مؤسسة لاعتماد منهجيات حديثة تسهم في جعل عملياتها أكثر سلاسة ومرونة حتى يمكنها التكيف بسهولة مع التغييرات المستمرة.